الإيمــان والقــرآن
ما
أجمل فعـل رسول الله وما كان أهداه وأعرفه حين كان يعلِّم الصحابة ؛
فقد روي سيدي أبو طالب المكي عن جندب بن عبدالله البجلي قــال:'' كنا
عند رسول الله غلمانا حزاورة - غلامُ حزَوَّرْ أي فتى حدث قوي بالغ
(نحوه في لسان العرب وذكر الحديث ابن منظور)- فيعلِّمنا الإيمان قبل
القرآن ثم تعلَّمنا القرآن فازددنا إيمــانا أرأيتم إخواني الدعاة
إلى الله. الإيمان قبل القرآن والإيمان كما أخبر الهادي الأمين بضع
وسبعون شعبة فالطريق طويل ولابُدَّ من زادٍ يكفيك وأهلَك ولابد من
أسلحةٍ قوية تردُّ بها على من يريد أن يقطعك عن الله أو يعترض طريقك
التزود بأسلحة الإيمان مقدم على الغوص في بحار القرآن: {وأعـدوا لهم
ما أستطعتم من قـوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوَّ اللـه وعدوَّكـم.
وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم...}.
من هم في
وأعدوا لهم؟ مــا القــوة ؟ مــا ربــاط الخيل..'' ؟
من هو''
عدوُّ الله وعدوُّكم ؟ من الآخرين من دونهم ؟ إنه القرآن العظيم
الذي لو ضــاع عقـال بعير لوجده فيه عمر وفيه يقول رسول الله (إن
يكن من أمتي مُحَدَّثون فمنهم عمـر) رواه البخاري قيل في تفسير هذه
الآيات ما يناسب أوقات الجهاد في سبيل الله ضد أعداء الله... فما
القول حين لاقتال ؟ لابد أن هناك معانيَ ومعانيَ ومعانيَ ويأتي
القرآن يوم القيامة بكرا وكأنه لم يفسر.. وهذا هو طريق ساداتنا
الصالحون الصوفية الأطهار...فالجهاد جهادان أصغر وأكبر، والأكبر هو
جهاد النفس ؛ وعدو الله وعدوكم مطلقا هو إبليس لعنه الله وأعاذنا منه
والآخرين من دونهم: هم بقية القواطع عن الله، فالأعداء القاطعون عن
الله (كما أوضح شيخنا فخرالدين البرهاني) أربعة هم الشيطان والنفس
والدنيا والهوى، حيث قال:
فالقاطعات
عن المهيمن أربع بئس البضاعةُ عيرُهُنَّ نَفِيرُ
أما القوة
ورباط الخيل فقد قرر علماء الصوفية أجمعون أن الأوراد التي يرتبونها
للمريد نوعان:- أوراد التحصين (ليأمن المريد الطريق إالى الله وعقبات
السير) - أوراد السير إالى الله (ليترقى بها المريد بين منازل السير)
وما أجمل الإشارة القرآنية (ربــاط الخيــل) على هذا المعنى الذي
قرَّره من أخذ به، فالرباط هو سمة الصالحين، والانتظار في المسجد من
الصلاة إلى الصلاة، والخيل كما قـــال الحبيــب (معقود بنواصيها
الخير) متفق عليه.
الإيمان
قبل القرآن. هو نهج المصطفى في تربيته لأحبِّ الخلق إليه وهم صحابته
ومن على نهجه سائرون ؛ وهو نهج الحكمة في الدعوة إلى الله فما أخطر
أن يقرأ القرآن جاهلٌ بأمر دينه ليتعرَّض للإفتاء فيه والتفسير حتى
ولو لنفسه {يضلُّ به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضلُّ به إلا
الفاسقين} البقرة آيـــة (26). فالحذر
الحذر.
لاتستعجل
علو المقام والرفعة بين الناس فتلك التجارة الخاسرة حتى لو أدركتها.
نســأل
اللــه العفــو والعــافية والمعــافـاة الدائمة في الدين والدنيــا
وفي الآخــرة.
وللحديث
بقية
د.
إبراهيم دسوقي
|