العد د السابع (اغسطس)

 

الاســــتـعـاذة

الإيمــان والقــرآن

إقبال الشباب على التصوف في الجامعات السودانية


الاســــتـعـاذة

الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ذكر لله ووقاية من الشيطان قوله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم} وروى البخاري عن عدي بن ثابت: حدثنا سليمان بن صرد قال: استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسبُّ صاحبه، مغضباً قد احمرَّ وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم كلمة، لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم). فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: إني لست بمجنون. وللشيطان همز ونفخ ونفث؛ والهمز هو الخفق، والنفخ هو الكبر، والنفث هو الشِّعر. وذكر الله مطردة للشيطان من المبيت والطعام.وعن مسلم عن جابر قال سمعت رسول الله يقول (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم و لاعشاء. وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله قال الشيطان أدركتم المبيت وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء). وكذلك عندما يأتي أهله، عن الإمام أحمد قال رسول الله (لو أن أحدكم حين يأتي أهله يقول اللهم اجنبنا الشيطان وجنِّب الشيطان ما رزقتنا ثم قُدر بينهما ولد لم يضرَّه شيطان أبداً'') رواه أحمد. وعند قضاء الحاجة، روى الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ''(إنّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فإذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلاَءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِالله مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ'') والخُبْثُ جمع خبيث اسم لذكران الشياطين، والخبائث جمع خبيثة: اسم لإناث الشياطين. ومحتضرة أي تسكنها الشياطين. روى أحمد والترمذي أَنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (إِنّ الله أَمَرَ يَحْيىَ بنَ زَكَرِيّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنّهُ كَادَ أَنْ يبطئ بِهَا. فقالَ عِيسَى: إِنّ الله أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بهَا وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بهَا. فَإِمّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمّا أَنْ آمُرَهُمْ، فَقَالَ يَحْيى: أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بي أَوْ أُعَذّبَ. فَجَمَعَ النّاسَ في بَيْتِ المَقْدِسِ فَامْتَلأ المَسْجِدُ وَقَعَدُوا عَلَى الشّرَفِ، فَقَالَ: إِنّ الله أَمَرَني بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنّ وآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنّ:....... إلى أن قال: وآمَرَكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا الله فَإِنّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ العَدُوّ في أَثَرِهِ سِرَاعاً حَتّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ العَبْدُ لاَ يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشّيْطَانِ إِلاّ بِذِكْرِ الله).

وللحديث بقية

أحمد عبد المالك


الإيمــان والقــرآن

  ما أجمل فعـل رسول الله  وما كان أهداه وأعرفه حين كان يعلِّم الصحابة ؛ فقد روي سيدي أبو طالب المكي عن جندب بن عبدالله البجلي قــال:'' كنا عند رسول الله  غلمانا حزاورة - غلامُ حزَوَّرْ أي فتى حدث قوي بالغ (نحوه في لسان العرب وذكر الحديث ابن منظور)- فيعلِّمنا الإيمان قبل القرآن ثم تعلَّمنا القرآن فازددنا إيمــانا أرأيتم إخواني الدعاة إلى الله. الإيمان قبل القرآن والإيمان كما أخبر الهادي الأمين بضع وسبعون شعبة فالطريق طويل ولابُدَّ من زادٍ يكفيك وأهلَك ولابد من أسلحةٍ قوية تردُّ بها على من يريد أن يقطعك عن الله أو يعترض طريقك التزود بأسلحة الإيمان مقدم على الغوص في بحار القرآن: {وأعـدوا لهم ما أستطعتم من قـوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوَّ اللـه وعدوَّكـم. وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم...}.

من هم في وأعدوا لهم؟ مــا القــوة ؟ مــا ربــاط الخيل..'' ؟

من هو'' عدوُّ الله وعدوُّكم ؟   من الآخرين من دونهم ؟ إنه القرآن العظيم الذي لو ضــاع عقـال بعير لوجده فيه عمر وفيه يقول رسول الله  (إن يكن من أمتي مُحَدَّثون فمنهم عمـر) رواه البخاري قيل في تفسير هذه الآيات ما يناسب أوقات الجهاد في سبيل الله ضد أعداء الله... فما القول حين لاقتال ؟ لابد أن هناك معانيَ ومعانيَ ومعانيَ ويأتي القرآن يوم القيامة بكرا وكأنه لم يفسر.. وهذا هو طريق ساداتنا الصالحون الصوفية الأطهار...فالجهاد جهادان أصغر وأكبر، والأكبر هو جهاد النفس ؛ وعدو الله وعدوكم مطلقا هو إبليس لعنه الله وأعاذنا منه والآخرين من دونهم: هم بقية القواطع عن الله، فالأعداء القاطعون عن الله (كما أوضح شيخنا فخرالدين البرهاني) أربعة هم الشيطان والنفس والدنيا والهوى، حيث قال:

فالقاطعات عن المهيمن أربع      بئس البضاعةُ عيرُهُنَّ نَفِيرُ

أما القوة ورباط الخيل فقد قرر علماء الصوفية أجمعون أن الأوراد التي يرتبونها للمريد نوعان:- أوراد التحصين (ليأمن المريد الطريق إالى الله وعقبات السير) - أوراد السير إالى الله (ليترقى بها المريد بين منازل السير) وما أجمل الإشارة القرآنية (ربــاط الخيــل) على هذا المعنى الذي قرَّره من أخذ به، فالرباط هو سمة الصالحين، والانتظار في المسجد من الصلاة إلى الصلاة، والخيل كما قـــال الحبيــب  (معقود بنواصيها الخير) متفق عليه.

الإيمان قبل القرآن. هو نهج المصطفى  في تربيته لأحبِّ الخلق إليه وهم صحابته ومن على نهجه سائرون ؛ وهو نهج الحكمة في الدعوة إلى الله فما أخطر أن يقرأ القرآن جاهلٌ بأمر دينه ليتعرَّض للإفتاء فيه والتفسير حتى ولو لنفسه {يضلُّ به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضلُّ به إلا الفاسقين} البقرة آيـــة (26). فالحذر الحذر.

لاتستعجل علو المقام والرفعة بين الناس فتلك التجارة الخاسرة حتى لو أدركتها.

نســأل اللــه العفــو والعــافية والمعــافـاة الدائمة في الدين والدنيــا وفي الآخــرة.

وللحديث بقية

 د. إبراهيم دسوقي


إقبال الشباب على التصوف في
 الجامعات السودانية

إن الشابَّ الذي ينشأ في طاعة الله لَهو من المقربين من المولى عزَّ وجلَّ يوم القيامة ومن سبعةٍ يظلُّهم الله بظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه، والشباب بطبعهم ميالون للبحث عن كلِّ جديد في رحلتهم لاكتشاف الذات واكتشاف ميولهم النفسيَّة وقدراتهم العقلية والجسمية،فهم توَّاقون للإسهام في كلِّ نشاط وقد نجح كثير من القادة الإسلاميين في العقود الماضية في البلاد العربية والإسلاميَّة في ضمِّ كثير من الشباب إلى هذه التنظيمات وقد أثبت هؤلاء الشباب قدرتهم على التحرُّك الجاد واتخاذ القرار السليم، وقد نجحت هذه التنظيمات من خلال هؤلاء الشباب في تحقيق مكاسب كبيرة، ولكن الإقبال على الانضمام إلى هذه التنظيمات قد انحسر في الآونة الأخيرة نتيجة لعدة أسباب:

أولا: ثارت الشكوك حول الأهداف الحقيقية لهذه التنظيمات واتهم البعض قادتها بالرغبة في تحقيق مكاسب شخصية من خلال التنظيم.

ثانيا: تقوقعت هذه التنظيمات حول نفسها واتسمت بسمة القبيلة ورفضت التفاعل مع المجتمع الذي حولها وأغلقت باب الحوار مع بقية التظيمات ولم ترض بغير الهيمنة الكاملة بديلا ودخلت في صراع مفتوح مع كلّ القوى حولها داخلياً وخارجيَّاً فعاشت في عزلة، ومثل هذه التظيمات دائماً تحمل بذرة دمارها في داخلها.

وقد أدى هذا إلى انصراف الشباب عنها وأوجد هذا فراغاً انتبه إليه شباب المتصوِّفة والمتصوّفة فأقا موا المعارض والندوات داخل هذه الجامعات وأبرزوا ذلك الوجه المُشرق للتصوف فاطلع الطلاب من خلالها على علوم التصوُّف بما اطلعوا عليه من مؤلفات المشائخ.وقد دار بينهم وبين معارضيهم جدل هاديء وبنَّاء لم يسمح له هؤلاء الفتية أبدا أن يتطوَر إلى جدال وعراك كما كان يحدث في الجدل الديني في السابق وقد ترك هذا أثراً طيباً في نفوس الطلاب واعترف كثيرٌ من زُوَّار المعارض بالفائدة التي جنوها من زيارة هذه المعارض التي صحَّحت كثيرا من المفاهيم عندهم، وقد تمخَّض هذا عن إقبال كثير من الشباب على الطرق الصوفية وأخذهم العهود على الشيوخ، إنَّ السلوك الحضاري والتسامح الكبير الذي يتسِّم به شباب المتصوِّفة قد أسهم إلى حدٍّ كبير في خلق بيئة جامعية واعية وخالية من الصراع والجدل العقيم.إنَّ المتصوِّفة هم الذين ظلَّ لواءُ الإسلام مرفوعاً بأيديهم في الأزمات الكبرى التي تعرَّض لها الإسلام على مرِّ الأزمان لإخلاصهم في العقيدة وفطمهم النفوس عن المآرب الدنيوية.

أسرة التحرير