الـصحـابـــة الأجــــلاء
عن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله اختار أصحابى على جميع
العالمين سوى النبيين والمرسلين فاختار من أصحابى أربعة أبا بكر
وعمر وعثمان وعليا ''
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل افترض
عليكم حب أبى بكر وعمر وعثمان وعلى كما افترض عليكم الصلاة والزكاة
والصوم والحج فمن أبغض واحداً منهم لم يقبل الله له صلاة ولا زكاة
ولا صوما ولا حجاً ويحشره من قبره إلى النار، وفى المعنى يقول أحد
الصالحين:
من أحسـن في الله الكـريم وفى
رسوله كان مكتوباً من الشرفا
ومن أحب صحاب المصطفى فله
جنات عدن يرى في ظلها غرفا
ومـن يكن باغضاً فيهم فـإن له
نار الجحيم ويضحى باكياً أسفا
فمنهم نجوم الهدى في كل مظلمة
والله حسبى فيما قلتـه وكفـى
وروى أنس بن مالك رضى الله عنه عن النبى صلى الله
عليه وسلم أنه قال:
(إن لحوض أربعة أركان ركن في يد أبى بكر والثانى
في يد عمر والثالث في يد عثمان والرابع في يد علىّ فمن أحب أبا بكر
وأبغض عمرٍ لم يسقه أبو بكر ومن أحب عمر وأبغض أبا بكر لم يسقه
عمرومن أحب عثمان وأبغض علىّ لم يسقه عثمان ومن أحب علياً وأبغض
عثمان لم يسقه على. ومن أحسن القول في أبى بكر فقد أقام الدين ومن
أحسن القول في عمر فقد أوضح السبيل ومن أحسن القول في عثمان فقد
استنار بنور رب العالمين ومن أحسن القول في علىّ فقد استمسك بالعروة
الوثقى ومن أحسن القول في أصحابى فهو مؤمن ومن أساء القول في أصحابى
فهو منافق).
وفى المعنى يقول أحد الصالحين:
هم صحابة خير الخلق أيـدهم
رب السماء بتوفيق وإيثار
فحبهم واجب يشفى السقيم به فمن أحبهم
ينجو من النار
ويقول سيدى فخر الدين:
من كان في هذا المقـام يرى معى
صديق هـذا النور فوق الحاجب
أما أبو حفص يُــرى في وجهه
نضـر وليس بـه لغوب اللاغب
أما بذى النورين عثمـان يـرى أثر الحياء
كما يرى في الغـاضب
وأذكر أخا هارون ذلك بحـره
لا تقتفيـه عبـارتى ومنــاقبى
لا شك أن القـول فيهم راحة
فارغـب إليهم لا تكن كاللاعب
والحشد في هذا المقام القول لا يقــوى
على تبيانه يا صـاحبى
هذا كلام لا تــرون مثيله
لا شـك تلك عـجائبى وغرائبى
روى أبو هريرة أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه
وعلى بن أبى طالب رضى الله عنه قدما يوماً إلى حجرة رسول الله فقال
علي لأبى بكر:
تقدم فكن أول قارع يقرع الباب وألح عليه، فقال
أبو بكر:
تقدم أنت يا على. فقال على:
ما كنت بالذى يتقدم على رجل سمعت رسول الله يقول
في حقه:
ما طلعت الشمس ولا غربت من بعدى على رجل أفضل من
أبى بكر الصديق. فقال أبو بكر:
ما أنا بالذى يتقدم على رجل سمعت رسول الله يقول
في حقه:
أعطيت خير النساء لخير الرجال فقال على:
أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله :
من أراد أن ينظر إلى صدر إبراهيم الخليل فلينظر
إلى صدر أبى بكر، فقال أبو بكر:
أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله :
من أراد أن ينظر إلى صدر آدم وإلى يوسف وحسنه
وإلى موسى وصلاته وإلى عيسى وزهده وإلى محمد وخُلُقه فلينظر إلى على
فقال على:
أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله :
إذا اجتمع العالم في عرصات القيامة يوم الحسرة
والندامة ينادى منادٍ من قبل الحق عز وجل يا أبا بكر أدخل أنت ومحبوك
الجنة فقال أبو بكر:
أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله يوم
حنين وخيبر وقد أهدى إليه تمر ولبن:
هذه هدية من الطالب الغالب إلى على بن أبى طالب
فقال على:
أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله :
أنت يا أبا بكر عينى فقال أبو بكر:
أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله :
يجئ عليّ على مركب من مراكب الجنة فينادى منادٍ
يا محمد كان لك في الدنيا والد حسن وأخ حسن أما الوالد الحسن فأبوك
إبراهيم وأما الأخ الحسن فعليّ بن أبى طالب فقال على:
أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله :
إذا كان يوم القيامة يجئ رضوان خازن الجنان
بمفاتيح الجنة ومفاتيح النار ويقول: يا أبا بكر الرب جل جلاله يقرئك
السلام ويقول لك هذه مفاتيح الجنة ومفاتيح النار ابعث من شئت إلى
الجنة وابعث من شئت إلى النار فقال أبو بكر:
أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله :
إن جبريل عليه السلام أتانى فقال: يا محمد إن
الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: أنا أحبك وأحب عليا فسجدت شكراً
واحب فاطمة فسجدت شكراً واحب حسنا وحسيناً فسجدت شكرا، فقال على:
أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله :
لو وزن إيمان أبى بكر بإيمان أهل الأرض لرجح
عليهم.
(والذى جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون)
فنزل جبريل على الصادق الأمين من عند رب العالمين
وقال:
يا محمد. العلى الأعلى يقرئك السلام ويقول لك: إن
ملائكة السبع سماوات لينظرون في هذه الساعة إلى أبى بكر الصديق وعلى
بن أبى طالب ويسمعون ما دار بينهما من حسن الأدب وحسن الجواب من
بعضهما لبعض فقم إليهما وكن ثالثهما فإن الله قد حفهما بالرحمة
والرضوان وخصهما بحسن الأدب والإسلام والإيمان فخرج النبى إليهما
فوجدهما كما ذكر له جبريل فقَبَّل النبى وجه كل منهما وقال :
وحق من نفس محمد بيده لو أن البحار أصبحت مداداً
و الأشجار أقلاماً وأهل السماوات والأرض كُتَّاباً لعجزوا عن فضلكما
وعن وصف أجركما.
ويقول صاحب الروض الفائق:
من ذا يطيق بأن يحصر الثناء على
محمد وعلى الصديق صاحبه
وقد رقى عمـر الفـاروق منزلـة وحـاز عزا
وفخرا في مراتبه
وحـاز عثمان فضلاً بـالنبـى وقد أثنت
جميع البرايـا عن مناقبه
وذو الفقــار على المـرتض فله بحر من
العلم يبدوا من عجائبه
فهـم ملاذ مـن خاف الحساب إذا
ضـاقت عليـه أمور في مذاهبه
عليهم صلوات الله مــا لمعت
في الليـل أنوار برق في غياهبه
روى أبو ذر رضى الله عنه عن النبى أنه قال: (من
أدخل السرور على أصحابى فقد أدخل السرور عَلىّ ومن أدخل السرور عَلىّ
فقد سَرْ الله ومن سَرْ الله كان حقاً على الله أن يُسره ويدخله
الجنة).
قيل أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضى الله
عنهما كانا في بعض أشغال النبى فأدركتهما صلاة العصر فقال عمر
لعثمان: تقدم فصل بنا، فقال عثمان: أنت أولى منى بالتقدم يا عمر فإن
رسول الله قدمك وأثنى عليك.
قفال عمر: أنا لا أتقدم عليك فإنى سمعت رسول
الله يقول: نعم الرجل عثمان صهرى وزوج ابنتى ومن جمع الله به نورى.
فقال عثمان: أنا لا أتقدم عليك فإنى سمعت رسول
الله يقول: عمر كمل الله به الدين وأعز به المسلمين.
فقال عمر: أنا لا أتقدم عليك فإنى سمعت رسول
الله يقول: عثمان جمع القرآن وهو حبيب الرحمن.
فقال عثمان: أنا لا أتقدم عليك فإنى سمعت رسول
الله يقول: نعم الرجل عمر يتفقد الأرامل والأيتام ويحمل لهم الطعام
وهم نيام.
فقل عمر: أنا لا أتقدم عليك فإنى سمعت رسول الله
يقول: غفر الله لعثمان مُجهز جيش العسرة.
فقال عثمان: أنا لا أتقدم عليك فإنى سمعت رسول
الله يقول: اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب وسماك الفاروق وفرق
الله بك بين الحق والباطل.
فبلغ ذلك رسول الله فدعا لهما وشكرهما على حسن
أدبهما.
لجنة التأليف والترجمة
|