مِنبَــرٌ مِلـــؤَهُ الهُــــدَى 

افهموا وتفقهوا


مِنبَــرٌ مِلـــؤَهُ الهُــــدَى 

 

في استقبال رمضان

الحمد لله سهل للعباد طرق العبادة ويسر وأفاض عليهم من سحائب الجود وسوابغ الأنعام ما لا يعد ولا يحصر أحمده سبحانه وتعالي وأشكره شرع مواسم وهيأ مناسبات ينتسب فيها العبد إلى ربه ويغسل قلبه وجوارحه من دنس الذنوب ويتطهر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله نبى غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آل محمد وعلى صحب محمد ما إتصلت عينه بنظر أو أذن بخبر والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المحشر

 أما بعد

فأوصيكم عباد الله بتقوى الله حق تقاته وسارعوا إلى مغفرة ربكم ورضوانه وجناته

أيها المسلمين فى تقلب الأيام ودوران الأفلاك فرص للتأمل ووقفات للنظر فرص ووقفات تحتاجها الأمم والأفراد لتنظر فى أحوالها وتتفكر فى شئونها تسعى فى إصلاح ما فسد من أوضاعها وتجدد ما ضعف من مقوماتها وتعالج ما إختل من شئونها وموازينها فترات ولحظات قد تكون فاصلة فى تاريخ الفرد والجماعة ومفتاحا لمستقبل مشرق وخير عميم نعم ايها الاخوة فى الحياة تقلب فى السراء والضراء وفى دروب الزمن خطوب ومشاق وفى النفوس نوازع شهوة وهوى وفى الصدور دوافع غضب وإنتقام تجد الليالى والأيام وتتجدد والغافلون الهازلون فى غمرة ساهون وكأنما رضيت أمتنا أمة الإسلام فى عصورها المتأخرة وأوضاعها المتردية إلا تأخذ من الحياة إلا جانبها الهامشى وجزءها العابث ولا تراها إلا فى ذيل القائمة تتأثر ولا تؤثر وتقلد ولا تقود كأنما همها أن تعيش عيشة الصعاليك على تقاليد الأمم وفضلاتها لا تتميز بعقيدة ولا تعتد بشخصية ولا تفاخر بدين ولا مبدأ يقال ذلك معاشر الأخوة والأمة تستقبل قريبا شهرها المعظم ويحل بساحتها موسمها المبارك شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن شهر الصيام والذكر وشهر الفتح والنصر شهر العزة والكرامة شهر الجود وأنواع العبادة إن رمضان آت بعد ايام فكيف حال الناس وكيف حال الأمة وما هي مراسم الإستقبال هل من وقفة صادقة للمحاسبة هل من وقوف جاد للتأمل لعل الأمة تستبين منعطفا تستقيم به على الجادة هدى للناس وبينت من الهدى والفرقان شهر رمضان شهر الحق والعزة شهر الحرية الحقة والإنعتاق من الشهوات والاهواء من إنهزم بينه وبين نفسه فلم يطق الصبر ساعات النهار فلسوف يكون أشد إنهزاماً أمام اعباء المجاهدة والجهاد ومن لم يطق الصبر سويعات فلسوف يكون عاجزاً عن التصدي أياماً وشهوراً وأعواماًالمنهزمون في الميدان الصغير مع أنفسهم ليسوا أهلاً لأن يحرزوا النصرلأمتهم في ميدانها الكبير من أعلن إستسلام في معركةمع شهوة نفسية محدودة فأين منه الرجولة وأين منه الجد والصرامة لا يعرف معنى الدين ولا يدرك سر الصوم إلا من صدق إيمانه وصح لله تعبده فأخذ الأحكام بعزم واستمسك بالدين بقوة

الصائم الحق قوي لا ينهزم ولغير الله لا يخضع ولأهوائه ورغباته لا يستسلم بريء من الأنانية والأثرة يعيش مع أمته بقلبه وروحه يفرح لفرحها ويأسى لأساها يجوع معهم ويفطر معهم ويستقبل العيد معهم يتذكرهم ويتذكر حاجاتهم من أجل هذا فإن نفس الصائم الصادق اسمى النفوس وأجودها بالعطاء وأقربها الي ربها والناس لقد كان القدوة الأولى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أجود الناس ولكنه كان في رمضان يزداد جوداً فكان ريحاً مرسلة سخاء ونفعا وكرما وإنفاقا وزوجه أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنفقت في يوم احد مائة الف درهم وهي صائمة فقالت لها خادمتها لو أبقيت لنا ما نفطر به اليوم فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها لو ذكرتني لفعلت ما هذا السمو العجيب في النفس الصائمة حتى إنها تنسى حاجاتها ومطالبها وكأنها لا تذكر إلا أمتها وحاجات أمتها لا يقسوا الأغنياء على الفقراء ولا يقطع القريب صلة القربى ولا يتنكر الجار لحق الجار إلا حين تصبح العبادات رسوما خالية عن روحها وأسرارها فتنسى الروابط الإجتماعية ويعيش الفرد لنفسه لا للناس ويكسب لبطنه وفرجه لا لأمته وشئونها لا يظلم الظالم ولا يستعلى المستعلى إلا حين ينسى حق الأمة فيزعم أن له من العبقرية والقوة والدهاء وقوة الشخصية ما تزين له نفسه الإستعلاء وتسوغ له الظنون معاشر المسلمين إن رمضان آت بعد أيام بلغنا الله وإياكم أيامه وتقبل منا ومنكم صيامه وقيامه إنه آت وفى الأمة تعساء يستقبلونه على أنه شهر جوع نهارى وشبع ليلي نوم فى الفرش والمساجد فى النهار إلى ما بعد العصر وسمر في الليل ممتد إلى طلوع الفجر ليس رمضان عندهم إلا موسم للموائد الفاخرة بألوان من الطعام والشراب زاخرة ذو العمل منهم يتبرم من عمله وصاحب التعامل يسيء في تعامله وذو الوظيفة تثقل عليه وظيفته وجوههم عابسة وصدورهم ضيقة وألسنتهم سليطة وغيظهم حانق لا يرون في رمضان إلا جوعاً لا تتحمله أمعاؤهم وعطشا لا تقوى عليه عروقهم يقابل هؤلاء التعساء قوم رضي الله عنهم ورضوا عنه يستقبلون شهرهم ليجددوا صلتهم مع ربهم ويعيشون نهارهم عيشة الأبطال في المعارك ويقطعون ليلهم بلذيذ المناجاة وصادق الإبتهالات إيثار جميل وصبر كريم وتهذيب في الخلق نبيل لا يقابلون الإساءة بالإساءة ولا يردون البذاء بالبذاء وإن سابه أحد أو قاتله قال إني صائم رواه البخاري ومسلم بالله عليكم أي الفريقين أحق بأن تفتح له أبواب الجنة وتسد عنه أبواب النيران أي الفريقين قد صفدت شياطينه ومن منهم أحق بنفحات الرحمن ومن الأحرى بموافقة ليلة القدر فتغفر ذنوبه ويدرك رحمة ربه وينجو من نار السعير

أيها المسلمون إن الصائمون القائمون هم الذين تصلح بهم الأوضاع وتكسب بهم المعارك وتسد بهم المجتمعات اللهم بلغنا رمضان ووفقنا لصيامه وقيامه وأقبلنا فيه وتقبله منا اللهم زدنا ولا تنقصنا وأعطنا ولا تحرمنا وأكرمنا ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وأرضنا وأرض عنا وأجعلنا مجتمعين غير متفرقين مغفورا لنا إنا كنا مذنبين وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة وكفر عنا سيئاتنا وأجزل حسناتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله ما تعاقب الجديدان وتكررت المواسم أحمده سبحانه وأشكره شكر الصائم القائم وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله حميد الشيم وعظيم المكارم صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه كانوا على نهج الهدى معالم والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين

أما بعد

فاتقوا الله رحمكم الله وأعلموا أن بلوغ شهر أمنية كان يتمناها نبيكم محمد في صلى الله عليه وسلم ويسألها ربه حتى قال اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبارك لنا في رمضان رواه أحمد من حديث أنس فها هو الشهر الكريم يحل بالساحات فاستعدوا واجتهدوا فما أكرم الله أمة بمثل ما أكرم به أمة محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر ذنوب مغفورة وعيوب مستورة ومضاعفة للأجور وعتق من النار أكرموا هذا الوافد العظيم جاهدوا أنفسكم بالطاعات ابذلوا الفضل من أموالكم في البر والصلات استقبلوه بالتوبة الصادقة والرجوع الي الله جددوا العزم مع ربكم وشدوا العزم على الاستقامة ، ها هو من طالت غيبته قد قرب فيا غيوم الغفلة تقشعي ويا قلوب المشفقين اخشعي ويا جوارح المتهجدين اسجدي لربك واركعي وبغير جنان الخلد أيها الهمم العالية لا تقنعي فطوبي لمن أجاب وأصاب وويل لمن طرد عن الباب....... الدعاء

لجنة التراث


افهموا وتفقهوا

الصيام

الصيام لغة هو الإمساك والترك، وشرعاً هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج يوماً كاملاً من طلوع الشمس إلي مغيب الشمس مع النيَّة قبل الفجر.

 دليله: الكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدىً للناس وبيناتٍ من الهُدى والفُرْقان فَمَنْ شهِدَ منكم الشهرَ فليَصُمْه...} أما من السنة روى مسلم عن سعد ابن عبيد عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله وإقامُ الصلاةِ وإيتاءُ الزكاةِ وصومُ رمضانَ وحجُّ البيت لمن استطاع إليه سبيلا) وهو الركن الرابع من أركان الإسلام أجمعت الأمة على فرضيته.

 للصوم شروط وجوب وشروط صحة؛ وتتمثَّل شروط الصـِّحة فـي ثـلاثة شـروط 1ـ الإسلام فلا يصِحُّ من كافر وان كان يُعاقب على تركه 2ـ النيَّة ولا يصحُّ دون أن ينوي المكلَّف بقلبه قبل طلوع الفجر 3ـ الزمان فلا يصحُّ في الأيام التي يحرَّم فيها الصوم كالعيدين.

أما شروط وجوبه وصحته معا فهي:1ـ العقل فلا يصح من مجنون 2ـ النقاء من دم الحيض والنفاس فلا يجب عليها حال ذلك ولا يصحُّ منها ويجب عليها قضاؤه 3ـ دخول شهر رمضان فلا يصح قبل دخوله.

شروط وجوب الصوم: البلوغ فلا يجب على صبىٍّ ولا يؤمَر به ولايثاب عليه إن صامه، وتحديد البلوغ يكون بالاحتلام والأنثى بالحيض ولا يحدد بالسن والمشهور ثمانية عشر عاما القدرة على الصوم فلا يجب على عاجز.

النية وكيفيتها:

هي أن ينوى المكلَّف الصوم قبل طلوع الفجر بقلبه، ولا يُشترط التلفُّظ بها وتكفي نية واحدة للصيام المتَّصل، مثل أن ينوي من أول يوم أنه يصوم شهر رمضان وتكفيه إذا لم يتخلله فطر مثل أن يسافر أو يمرض ويفطر لذلك، فإن تخلله فطرٌ يجدِّد النية.هناك صوم واجب متتابع أو غير متتابع غير رمضان وهو صيام كفارة رمضان واجب ومتتابع، وصيام كفارة القتل، وصيام كفارة الظهار.وحكم من طلع عليه الفجر في رمضان وهو نائم ونام حتى غروب الشمس لا قضاء عليه إن كان ناوياً الصيام أو كانت له نية واحدة للصوم المتتابع وأن كانت ليست له نيةٌ فعليه القضاء.

 حكم الحائض: إذا طهرت قبل الفجر ولو بلحظة وجب عليها الصوم لذلك اليوم ولا تصوم ما طهرت فيه بعد الفجر بل عليها القضاء وإن شكَّت. ويثبت برؤية عدلين أو جماعة مستفيضة أو بإكمال شعبان ثلاثين يوم.

ولا يجوز صيام يوم الشكِّ احتياطا لأن يكون من رمضان وهو اليوم الأخير من شعبان الذي يشكُّ فيه هل هو من رمضان أو شوال، وإذا صامه وتبيَّن انه من رمضان لا يجزيه ويقضيه لعدم جزم النية ولكن يجب عليه الإمساك حتى يتحقق من خبر الرؤيا، فان تأكدت أمسك وقضى، وجاز صيامه تطوعاً لمن عادته صيام يوم بعينه فصادفه كما يجوز صومه لقضاء أو كفارة أو لنذر نذره فصادفه.

يحرم صيام يومي الفطر والأضحى فلا يجوز صومهما لا نذر ولا قضاء، ويحرُم صيامُ الحائض والنَفساء حتى يطهرا، ويكره صيام اليوم الرابع من النحر، ويكره صيام يوم عرفة للحاج، وصيام يوم التروية للحاج، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ويكره صيام يوم الشكِّ احتياطا من رمضان كما تقدَّم ويُكره تقديم صيام التطوُّع على القضاء.

الإفطار في السفر رخصة والصوم افضل للقادر والإفطار في المرض جائز لمن خاف زيادة مرض أو تأخُّرَ برء، وواجبٌ لمن خاف هلاكا.

محمد الحسن الفكي