بـالـحـقـائـق
نـاطـقـيـن
التوسل والوسيلة
نطلُّ عليكم أيها القراء الأعزاء من نافذة المعرفة البرهانية ونوا صل
المسير معا في رحلتنا مع السير إلى الله تتمةً لما شرعنا فيه من
استعراض مراتب الدين وتعرفنا عليها وسافرنا من مرتبة الى اخرى واليوم
عبر هذه الإطلالة ترسو بنا سفينة الرحلة على شاطئ المعين الذى لا
ينضب وسيقتصر كلامنا هاهنا على التوسل والوسيلة.
الوسيلة هى الأداة الموصلة إلى الغاية المرجوة دنيا وأخرى لأنَّ كلَّ
موجود للحق عزَّ وجلَّ لم يوجده إلا بالوسيلة ويتضح ذلك جليَّا اذا
تأملنا بعين الفكر ونظرنا بمنظار الإيمان. والوسيلة نوعان وسيلة
مادية (حسية) - وسيلة معنوية (روحية) وندعم حقيقة وجود الوسيلة بقوله
تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} وفى
هذا الموطن تحدَّث الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني عن كون آل البيت
هم خير وسيلة له قائلا:-
توسلت بالأحـباب من أهل و صـلها ولا سيِّمـا الزهـراء امـى
وآلهــا
ونفصِّل قليلا فى أنواع الوسيلة ونبين أنها:
الوسيلة المادية: وهى كل ما يشاهد ويلمس بحاسة اللمس ولو للأعمى فى
المكونات.
مثلا اذا تبادرت إلى أذهـاننا أسئلة نقـول من أى شئ وجدنا ؟ وبأىِّ
شئٍ نعيش ؟ فى أىِّ شيءٍ نعمل ونقيم ؟ وما هـو الناشئ منا وعنَّا ؟
كلُّ سـؤال من هذه الأسـئلة عبارة عن وسيلة وعلى هذا يكـون المقياس
فى كل حالة. قـال تعالى {وفى أنفسكم أفلا تبصرون} وعلى الوسيلة
المادية تكون جميع التكاليف الشـرعية من امتثـال الأوامـر واجتناب
النواهى.
ثانيا:- الوسيلة الروحية:هى ما لفت اللـه عزَّ وجلَّ نظر
عباده إليه من حكمة إرسال الرسل وتوجيههم إلى الله عزَّ شأنه
بالإيمان الذى هو معنىً من المعانى والذي لا يعرف بالصورة التى جعلها
الله مقابلة لهذا المعنى الروحى إذ لايعرف إلا بها.
من هذا يتضح لنا أن الوسيلة بنوعيها المادي والروحي تبيِّن وتثبِّت
كيفيَّة معاملة الخالق ومعاملة المخلوقين كما أمرالله جلَّ و علا.
إذا يتضح من هذه المعاملات التى هى وسائل بنص الشرع عملا يستحق عليه
الجزاء دنيا وأخرى لان العمل الباطنى الروحى ينشأ عنه العمل الظاهرى
المادى المحسوس وهذا لايتوصل إليه إلا بالوسائل التى شرعها الله
لعباده وجعل نسبة العمل إليها نسبة حقيقية وتضاف إليها الأعـمال
وتنسب إليها إذ لا يترتب ا لثواب والعقاب عليها إلا بهذه النسبة
ولنا لقاء في مواصلة تصفُّح هذا السِّـفر الجليل انتصار
أولياء الرحمن.
هادية الشلالي |