أدلة الحركـة فـي الذكـر

سبب تعدد الطرق الصوفية

شـــراب الــوصــل

 

ذكر�� الحبيب

أدلة الحركـة فـي الذكـر

قال الألوسي في تفيسره (روح المعاني) عند قوله تعالى {الذين يذكرون الله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم}. بعد كلام طويل ما نصه: وعليه فيحمل ما حُكي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وعروة بن الزبير وجماعة رضي الله تعالى عنهم من أنهم خرجوا يوم العيد إلى المصلى فجعلوا يذكرون الله تعالى فقال بعضهم: أما قال الله تعالى {يذكرون الله قياما وقعوداً} فقاموا يذكرون الله تعالى على أقدامهم على أن مرادهـم بذلك التبرك بنوع موافقة للآية في ضمن فرد من أفراد مدلولها ويقول العلامة الكتاني في كتابه (التراتيب الإدارية) الجزء الثاني غاية الرقص (الحركة في الذكر) عند القوم ذكر من قيام وهو مشروع بنص القرآن الكريم {يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم} والتمايل والاهتزاز منقول عن الصحابة.

فقد روى أبو نعيم عن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى أنه قال كان أصحاب رسـول الله إذا ذكروا الله تمايلوا كما تتمايل الشـجرة بالريح العاصف إلى أمام ثم تراجع إلى وراء،يتضح لنا من كلام العلامة الشيخ عبد الحي الكتاني أن التمايل وقت ذكر الله كان ظاهراً في زمن صحابة رسول اللهأما من ينكر على الذاكرين حالهم واهتزازهم فإنما ينكر عليهم شيء ورد على ألسنة العلماء وقام بعمله صحابة رسول الله.

وللحركة في الذكر شواهد كثيرة في السنة النبوية الشريفة قال رسول الله: (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر) رواة الترمذي وأحمد. ولمعرفة معنى قوله (ارتعوا) نرجع لقوله تعالى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون}، قال الإمام الطبري عند تفسير الآية: حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: {أرسله معنا غدا يرتع ويلعب} يقول: يسع وينشط- حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: {يرتع ويلعب} قال: يلهو، وينشط، ويسعى حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {أرسله معنا غدا يرتع ويلعب} قال: ينشط، ويلهو - حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، بنحوه- . حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: {يرتع ويلعب} قال: يسعى، ويلهو ....، عن سيدنا بن عباس رضي الله عنهما أن النـبي قال وهو في قبة له يوم بدر: (أنشـدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لن تعبد في الأرض أبدا) فأخذ أبو بكر بيده وقال: (حسبك يا رسول الله ألححت على ربك) فخرج صلى الله عليه وسلم وهـو يثب بالدرع وهو يقول: (سـيهزم الجمع ويـولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمـر) وهـذا الحديث أخرجه الإمام البخاري والإمام وأحمد كما أورده بن كثير في تفسيره ..

قال فيه الشيخ يوسف خطار محمد من علماء الشام في كتابه (الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية) ما نصه: الشاهد فيه جواز قراءة كلام الله سبحانه وتعالى في حالة الوثب وهو الظفر والقفز فجواز ذكر الله تعالى في هذه الحالة من باب أولى. وعن السيدة عائشة رضي الله عنها رأيت رسول الله يوماً على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد .. إلى أن قالت وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة حتى إذا مللت قال: حسبك قلت نعم، قال: فاذهبي. البخاري.

أحمد عبد المالك
مصر

 

سبب تعدد الطرق الصوفية

دائماً وأبداً يلح هذا السؤال على الناس ألا وهو لماذا تتعدد الطرق الصوفية ما دام الهدف واحد؟ وهنا تأتي الإجابة على صيغة سؤال، لماذا تتعدد المذاهب والشرع واحد؟! اعتقد أنه إذا تأملنا ملياً في هذه الدنيا وفي طبائع الناس نجد أن لكل إنسان صفات مختلفة عن الآخر أي أن الدين لا بد له التعامل مع جميع أنواع الناس بمختلف أجناسهم وسايكلوجياتهم على أساس أنهم ليسوا بآلات ذات صفات موحدة ومحددة تعمل على نظام مشترك، فنجد أن لو بالموضوع نوع من التشويش فمن باب أولى كان يجب لأئمة المذاهب الأربعة الاتفاق على وضع مذهبي واحد يحكم الشريعة الإسلامية. لذا نرى أن التعدد في أمر واحد ليس معناه الاختلاف على أساسه فكل الصوفيين هم أهل الطريق والكل يريد الوصول إلى الله لكن لكل واحد منهم مسلك مختلف عن الآخر لكن الهدف هو الله سبحانه وتعالى، والأصل في هذا الموضوع يرجع إلى قصة حدثت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم (يحكى أن رجل في عهد نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه تشاجر مع زوجته حتى وصل الموضوع إلى الإنفصال، فقال لها: أنت طالق إلى حين، ثم بعد ذلك أراد مراجعتها فتساءل بينه وبين نفسه كيف يمكن إرجاعها؟ فذهب إلى سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه وحكى له ما حدث بينه وبين زوجته، فرد عليه سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه لا يمكن لك إرجاعها، فاحتار الرجل في أمره، فقطع عليه حيرته سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فحكى له الرجل ما حدث بينه وبين زوجته من دون أن يذكر لقاءه بسيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه، فقال له سيدنا عمر: يمكنك مراجعتها بعد ستة أعوام وستة شهور، فتعجب الرجل من أمره، وقطع عليه تعجبه لقاءه بسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه فسرد عليه الرجل قصته من دون ذكر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال له سيدنا عثمان: يمكنك مراجعتها بعد سنة، فارتاب الرجل في أمره، وقطع عليه ارتيابه لقاءه بسيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فقص عليه ما حدث من دون ذكر الصحابة الأجلاء، فسأله سيدنا علي: طلقتها منذ متى؟ فرد عليه الرجل: منذ أول أمس، فقال سيدنا علي: تجوز لك من أمس. فغضب الرجل من كل تلك الردود فحملها كلها وذهب بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله أتكون بين ظهرانينا ودينك يمزق، فسأله النبي الكريم: لماذا تقول هذا يا رجل؟ فحكى له ما حدث بينه وبين الصحابة الأجلاء رضوان الله عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أذهب وآتي بهم، فلما أتوا بين يديه، سأل رسول الله بدءاً سيدنا أبوبكر رضي الله عنه: فيما استنادك على قولك يا أبابكر، فقال: قوله تعالى {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً}، فقال له رسولنا الكريم: صدقت يا أبابكر، فالتفت إلى سيدنا عمر رضي الله عنه قائلا: وفيما استنادك أنت على قولك يا عمر، فقال: قوله تعالى {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين}، فقال له رسولنا الكريم: صدقت يا عمر، ثم سأل بعد ذلك سيدنا عثمان رضي الله عنه قائلا: وما دليلك على قولك يا عثمان، قال قوله تعالى {تأتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون}، فرد عليه قائلا: صدقت يا عثمان، ثم ختم سؤاله بسيدنا علي كرم الله وجهه قائلا: وأنت يا علي ماذا كان استنادك، فقال له سيدنا علي: قوله تعالى {سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون} ثم قال رسولنا الكريم: صدقت يا علي، ثم التفت إلى الرجل وقال له: يا أخا العرب أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم.

صلى الله على نبينا الأمي الذي بقوله أجاز لنا التعددية في الآراء وفتح لنا الرحمة من أوسع أبوابها، لكي يستطيع كل إنسان الاقتداء بمن يحب من الصحابة الأجلاء وكذا الحال مع المذاهب الأربعة يستطيع أي إنسان اتباع ما يناسبه من المذاهب، فكيف لنا هنا أن ننسى أولياء الله الصالحين وأصحاب الطرق الصوفية الكرام فغايتهم واحدة وطريقتهم الوصول إلى هذه الغاية تختلف حسب الزمان والمكان فأصبح الذكر حرفتهم وأصبحت العلاقة بينهم علاقة محبة وترابط روحي فاعتصموا بحبل الله واخلصوا له الدين حتى وصلوا إلى أول مقامات الإحسان جميعاً فكان وما زال تعاملهم مع بعضهم البعض كالأخوة كما في قوله تعالى: {إنما المؤمنون أخوة} فكان النسب هنا نسب جسد ودم بل نسب روحي يرحم الكبير الصغير ويوقر الصغير الكبير فأصبحوا كالعقد لا ينفرط نظامه ولا يذهب أمنه وسلامه، سلامٌ قولاً من رب رحيم، وسلامٌ عليهم وعلى أنبيائنا أجمعين.

رانيا الشيخ حمد

 

شـــراب الــوصــل

غدا اللب في سفر يقيم بحسنــه        وقد عزت الأوصاف والوجه سافر

(1) حسن وجهه

كان صلى الله عليه وسلم ضخم الرأس أزهر اللون، ليس بأبيض أمهق (1) ولا أدم (2) (بياضه إلى السمره)، مشرب بحمره وكان أحسن الناس وجها، وأحسنهم خلقا وكان وجهه كالقمر والشمس، وكان مستديرا، أبيض مليح الوجهه، إذا سر تبرق أسارير وجهه، فيستنير، كأنه قطعة قمر، وكان يعرف ذلك منه، وما رئى شيىء أحسن منه صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجرى فى جبهته، وكان أشد حياءاً من العذراء فى خدرها، وإذا كره شيئاً عرف فى وجهه.وكان صلى الله عليه وسلم عظيم العينين، أهدب الأشفار (3)، مشرب العينين حرة، أشكل (4) أسود الحدقه، أدعج (5)، أكحل العينين.دقيق الحاجبين، سابغهما، أزج أى (مع تقوس ووصول إلى أخر العينين) أقر غير قرن، أبلج، بينهما عرق يدره الغضب.مفاض الجبين واسعه، أغرأجلى كأنه يتلألأ، وكان العرق فى وجهه كالؤلؤ.وكان أسيل الخدين سهلهما، أقنى (6) الأنف، ظليع (7) الفم، أفلج (8) الأسنان أشنبها (9) حسن الثغر، براق الثنايا، إذا ضحك كاد يتلألأ.وكان كثير شعر اللحية، أسوده، ذا لحية عظيمة حسنة كادت تملأ نحره، إذا تكلم فى نفسه، عرف ذلك من خلفه بأضطرابها من عظمتها.وأما شاربه، فكان صلى الله عليه وسلم بحقيه (10) وأما شعره صلى الله عليه وسلم، فليس يجعد (11) قطط (12) ولا سبط (13) رجل أسود اللون، يبلغ شحمه أذنيه، وأحياناً منكبيه، وأحياناً إلى أنصاف أذنيه، وأحياناً بين أذنيه وعاتقه، فيكون فوق الجمة (14)، ودون الوفرة (15)، وأحياناً يجعله أربع غدائر أو ضفائر، وكان يسدله، ثم فرق بعد.

المعاني

(1)الأمهق: شديد البياض وخال من بعض الحمرة وذلك كريه المنظر لما يوهمه من البرص معناه أنه صلى الله عليه وسلم كان أبيض بياضا فيه حمرة ونور

(2)الأدم: أصله أدم فأبدلت فاه الكلمة ألفا، والأدمة: شدة السمرة ومعناه لم يكن شديد السمرة مما يثبت أن بياضه فيه حمرة.

(3)الأشفار:حرف جفن الذى يثبت عليه الشعر

(4) أشكل: أى بياض العينين شىء من حمرة وهو محمود محبوب.

(5)أدعج: شدة سواد العين فى شدة بياضها

(6) أقنى:طول الأنف ورقة أرنبته مع حدب فى وسطه

(7)ضليع: عظيمة أو واسعة والعرب تمدح عظم الفم وتذم صغره

(8) أفلج: فرجة ما بين الثنايا والرباعيات.

(9) أشنبها: الشنب البياض والبريق والتحديد فى الأسنان

(10) يحفيه: يبالغ فى قصه.

(11) جعد: متلو لايسترسل (متلف)

(12) قطط: شدة الجعودة كشعر الزنوج.

(13) سبط: السبوط الإمتداد الذى ليس فيه تعقد

(14) جعة: شعر الراس إذا وصل إلى المنكبين.

(15) الوفرة: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمه الأذن.

د. عبد الله محمد أحمد