واحة الثقافة والأدب

قصص

نفحات وعبر

أمثال وحكم

عذب الحديث

 

قصص

كانت عَثمة بنت مطرود البجيلية ذات عقلٍ ورأيٍ مستمعٍ في قومها، وكانت لها أختٌ يقال لها سلمى وكانت ذات جمال وعقل، فخطبها سبعة إخوةٍ من الأزد، فأتوا إلى أبيها وعليهم الحُلل اليمانية وتحتهم النجائب الفارهة فقالوا: نحن بنو مالك بن غُفيلة ذي النحيين، فقال لهم: انزلوا على الماء فنزلوا ليلتهم ثم أصبحوا غادين في الحُلل المهيَّأة لهم، ومعهم ربيبة لهم يقال لها الشعثاء كاهنة، فمروا بخباء سلمى حتى تراهم وكلُّهم وسيمٌ جميل، وخرج أبوها فجلسوا إليه فرحَّب بهم، فقالوا له: بلغنا أنَّ لك بنتاً ونحن شباب كما ترى، وكلُّنا يمنع الجانب ويمنح الراغب فقال أبوها: كلُّكم خيار فأقيموا نرى رأينا، ثمَّ دخل على ابنته فقال لها: ما ترين فقد أتاك هؤلاء القوم؟ فقالت: زوِّجني على قدري ولا تشطط في مهري، فإن تخطِئني أحلامهم (عقولهم) لا تخطئني أجسامهم، لعلي أُصيب ولداً وأُكثر عددا، فخرج أبوها فقال: أخبروني عن أفضلكم؟ قالت ربيبتهم شعثاء الكاهنة: اسمع أخبرك عنهم هم إخوة، وكلُّهم أسوة،، أما الكبير فمالك، جريْ فاتك، يُتعبُ السنابك، ويَستصغِر المهالك، أما الذي يَليه فالغمر، بحر غمر، يقصر دونه الفخر،نهدٌ صقر، وأما الذي يليه فعلقمة، صليب المعجمة، منيع المَشتمة، قليل الجَمجمة، وأما الذي يليه فعاصم، سيد ناعم، جَلدٌ صارم، أبيٌّ حازم، جيشه غانمٌ، وجارُه سالمٌ، وأما الذي يليه فوثَّاب، سريع الجواب، عتيد الصواب، كريم النصاب، كليث الغاب، وأما الذي يليه فمُدرك، بذولٌ لما يملك، عزوبٌ عمَّا يترك،، يُفني ويُهلِك، وأما الذي يليه فجندل، لقِرنه مُجندل، مقلٌّ لما يحمل، يُعطي ويَبذل، وعن عدوِّه لا ينكُل. فشاورت أختها فيهم فقالت أختها عثمة: ترى الفتيان كالنخل وما يُدريك ما الدخل، اسمعي مني كلمةً إنَّ شرَّ الغريبة يُعلَن، وخيرها يُدفن، تزوَّجي في قومكِ ولا تغررك الأجسام، فلم تقبل منها، وبعثت إلى أبيها فقالت: أنكحني مُدركا، فأنكحها أبوها على مائة ناقةٍ ورُعاتِها، فحملها مُدرك، فلم يلبثوا إلا قليلاً حتى صبَّحهم فوارس من بني ملك بن كنانة، فاقتتلوا ساعةً ثمَّ إن زوجها وإخوته انهزموا، فسبَوها فيمن سبَوا، فبينما هي تسيرُ بكت، فقالوا: ما يُبكيك؟ أعلى فراقِ زوجِك؟ قالت: قبَّحه الله. قالوا: لقد كان جميلا، فقالت: قبَّح الله جمالاً لا نفع معه، إنما أبكي على عصيان أختي وقولِها: تَرَى الفتيان كالنخل وما يُدريك ما الدخل، وأخبرتهم كيف خطبوها، فقال لها شابٌ أسود دميم الخِلقة: أترضين أن أتزوَّجك على أن أحميك من فرسان العرب وذؤبانهم، فقالت لأصحابه: أكذلك هو؟ قالوا: نعم إنَّه مع ما ترين يمنع الحليلة وتتقيه القبيلة، قالت: هذا أجملُ جمال، وأكملُ كمال وقد رضيتُ به فتزوَّجها.

 

عمر وابن مسعود

يروى أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يسير مع بعض صحبه ليلاً عندما أحسوا بأناس يسيرون على الجانب الآخر من الطريق وكان الظلام حالكاً فلم يعرف عمر من هم فأمر أحد أصحابه أن ينادي (من أين يقدم القوم؟).

فنادى فيهم صاحب عمر بذلك.. فرد عليه أحدهم يقول: (من الفج العميق) فأمر صاحبه أن يسألهم وإلى أين يقصدون؟ فأجابه الصوت: (إلى البيت العتيق) فقال عمر إن هؤلاء القوم معهم عالم بالقرآن. وأراد عمر أن يختبر ذلك فقال لصاحبه سلهم أي القرآن أعظم؟ فأجابه الصوت {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}. فقال عمر سلهم أي القرآن أحكم؟ فأجابه الصوت {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكملعلكم تذكرون} فأمر عمر أن يسأل أي القرآن أجمع؟ فأجاب {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره}، فأمر عمر أن يسأل أي القرآن أخوف؟ فأجاب {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيراً}، فأمر أن يسأل أي القرآن أرجى؟ فأجاب {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم}. فأمر عمر صاحبه أن يسألهم: هل فيكم عبدالله بن مسعود؟ فجاء الجواب: اللهم نعم!.

 

نفحات وعبر

حُممة بن رافع الدوسي

التقى عامر بن الظرب العدواني بحممة بن رافع الدوسي وكان معروفاً بالفصاحة، فأراد عامر أن يستمع له فقال له: حدثني، من أحق الناس بالمقت؟

قال: الفقير المختال.. والضعيف الصوّال.. والغني القوال!

عامر: فمن أحق الناس بالمنع؟

حممة: الحريص الكاند.. والمستميد الحاقد.. والمخلف الواجد.

عامر: فمن أجدر الناس بالصنيعة؟

حممة: من إذا أعطى شكر.. وإذا منع عذر.. وإذا مطل صبر.. وإذا قدم العهد ذكر.

عامر: فمن أكرم الناس عشرة؟

حممة: من إذا قرب منح.. وإذا ظلم صفح.. وإن ضويق سمح.

عامر: فمن ألأم الناس؟

حممة: من إذا سأل خضع.. وإذا سُئل منع.. وإذا ملك كنَع.. ظاهره جشع وباطنه طَبع..

عامر: فمن أجل الناس؟

حممة: من عفا إذا قدر.. وأجمل إذا انتصر.. ولم تطغه عزة الظفر.

عامر: فمن أحزم الناس؟

حممة: من أخذ رقاب الأسود بيديه.. وجعل العواقب نصب عينيه.. ونبذ التهيب دبر أذنيه.

عامر: فمن أخرق الناس؟

حممة: من ركب الخطار.. واعتسف العثار.. وأسرع في البدار، قبل الاقتدار.

عامر: فمن أجود الناس؟

حممة: من بذل المجهود.. ولم يأس على المفقود.

عامر: فمن أبلغ الناس:

حممة: من حلى المعنى المزيز.. باللفظ الوجيز.. وطبق المفصل من قبل التحزيز.

عامر: فمن أنعم الناس عيشاً؟

حممة: من تحلى بالعفاف.. ورضي بالكفاف.. وتجاوز ما يخاف إلى ما لا يخاف.

عامر: فمن أشقى الناس؟

حممة: من حسد على النعم.. وسخط على القسم.. واستشعر الندم على ما انحسم.

عامر: فمن أغنى الناس؟

حممة: من استشعر اليأس.. وأظهر التجمل للناس.. واستكثر قليل النعم.. ولم يسخط على القسم.

عامر: فمن أحكم الناس؟

حممة: من صمت فادَّكر.. ونظر فاعتبر.. ووعظ فازدجر.

عامر: فمن أجهل الناس؟

حممة: من رأي الخرق مغنما.. والتجاوز مغرما!!.

 

 

أمثال وحكم

الإمام جعفر الصادق

كان الإمام جعفر الصادق منقطعاً للعلم والعبادة، وما كان ينظر لحطام الدنيا، إلا أن بعض الواشين الذين ينشدون التزلف إلىالخلفاء كانوا يشون به كذباً إلى الخليفة أبي جعفر المنصور، حتى اضطر الإمام إلى مقاطعة المنصور، وذات يوم كان المنصور في المسجد وبعد الصلاة قابل الإمام فقال له: لملا تغشانا كما يغشانا الناس؟قال: يا أمير المؤمنين، وماذا أصنع بمجيئي لك؟ إنه ليس لدينا من الدنيا ما نخافك عليه، وليس لديك من الآخرة ما نرجوك له، ولا أنت في نعمة فنأتيك لنهنئك بها، ولا نحسبها نقمة فنأتيك لنعزيك عليها! فأحرج المنصور وقال له: ولكن تصحبنا لتنصحنا، قال من أراد الدنيا لا ينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك! وانفلت لا يلوي على شيء.

*********

قال أبو حفصٍ : التصوُّف كلُّه آداب، لكلِّ وقتٍ أدب، ولكلِّ مقامٍ أدب،، فمن لزم آداب الأوقات، بلغ مبلغ الرجال، ومن ضيَّع الآداب فهو بعيدٌ من حيثُ يظنُ القرب، ومردودٌ من حيث يرجو القبول.

*********

أرسلت امرأةٌ من العرب غلامها وكان يسمَّى فِند ليأتيها بجمرٍ فخرج فوجد أصحابه في طريقهم إلى مصر فخرج معهم فمكث حولاً ثمَّ رجع فتذكَّر ما أرسل إليه فذهب إلى طباخٍفأخذ جمراً وأقبل يعدو به فوقع وتبدَّد الجمر فقال: بئستِ العَجَلة، وفيه يقولُ الشاعر:

ما رأينــا لغـرابٍ مثلا         إذ بعثناه يجي بالمشمـلةْ

غيرَ فِنـدٍ أرسلوه قابـساً          فثوى حولاً وسبَّ العَجَلةْ

*********

السؤدد

كان عرابة الأوسي سيد قومه، وضربت الأمثال بجوده وسبق الحديث عنه، وقد وفد على معاوية بن أبي سفيان فقال له: يا عرابة بم سدت قوم؟ قال: لست سيدهم! فالح عليه فقال: أعطيت في نائبتهم، وحلمت عن سفيههم، وشددت على يد حليمهم، فمن فعل مثل فعلي فهو مثلي، ومن قصر عنهفأنا أفضل منه، ومن تجاوزه فهو أفضل مني!

*********

فصاحة أعرابي

قدم أعرابي على أحد الأمراء فقال له: إني أسأل صلة لي. وأسأل الله الذي رحمني بك.. أن يرحمك بي. فأمر الأمير لهبصلة.

فقال الأعرابي:

الحمدة لله الذي ساقني للرزق.. وساقك للأجر!

عذب الحديث

لي بالحمى قومٌ عُرِفتُ بصبهمْ

لـي بالحمى قومٌ عرفتُ بصبهمْ

وإذا مرضتُ فَصِحتي في طِبهِمْ

قـومُ كِرام هائِمون بـربِّهــمْ

عَلموا بأَني صادقٌ في حُبـهـمْ        وتحققوا صبرِي الجميلَ فعذبوا

*********

يا سعدُ خذْ عني الهوى ولهُ فـَعِي

إعلمْ بأنَّ القومَ أهلُ المـطـلـعِ

حضراتُ وجهٍ غائبٍ في البرقـُعِ

نزلوا بوادي المُنحني مِنْ أَضْلُعي       وتَمَنَّعُوا عَنْ مُقْلتي وَتَحَجـَّبـوا

*********

هُمْ عِندَ قلبي بَلْ وَقلبي عِندهُم

وإذا بثثتُ الوجدَ بثوا وَجدَهُمْ

ومَعي أراهُمْ لا أُفارقُ قصدَهمْ

سَعَدَتْ حُظوظي إذا رَضوني عَبدَهُمْ        والفخرُ لــي أنِّـي إليهـمْ أُنسَبُ

*********

ديوان النابلسي