واحة الثقافة والأدب

قصص

نفحات وعبر

أمثال وحكم

عذب الحديث

قصص

دعاء طُفيلي

قصد قومٌ من الطفيليين إلى وليمةٍ فقال رئيسهم:اللهمَّ لا تجعلِ البواب لكَّازاً في الصدور، دفَّاعاً في الظهور، طرَّاحاً للقلانس، اللهمَّ هَبْ لنا لطفَه ورحمته ويُسرَه، وسهِّل علينا أُنْسَه، فلما دخلوا البيت أدخلهم البواب، فقال أحدُهم: غُرَّةٌ مباركةٌ موصولٌ بها الخِصب، معدوم معها الجدب.

فلما جلسوا على الخوان قال آخر: جعلك الله كمائدة عيسى في البركة.

ثمَّ قال رئيسهم لأصحابه: افتحوا أفواهكم وأقيموا أعناقَكم وأجيدوا اللَّف، واملئوا الأكُف ، ووسِّعوا الأشداق، كُلوا على اسمِ اللهِ تعالى.

*********

النحوي وصاحب البطّيخ

قال نحوي لصاحب بطِّيخ: بكم تانك البطيختان، اللتان بجنبهما السفرجلتان، ودونهما الرمَّانتان، فاغتاظ البائع وقال له: بضربتان وصفعتان ولكمتان فبأي آلاء ربِّكما تكَذِّبان.

*********

ضيف ثقيل

نزل رجل عند قوم وأطال الضيافة وثقلت إقامته على أهل البيت ولم يعلموا متى يرحل فقال الزوج لزوجتِه: كيفَ لنا أن نعلم مقدار إقامتِه ؟ قالت: نتشاجر غداً ونحتكم إليه متى يرحل. فتشاجرا واحتكما إليه فقالت الزوجة للضيف: استحلفك بالذي يباركُ لك في سفرك غداً أيُّنا أظلـم ؟ قال الضيف: والذي يُبارك لي في إقامتي عندكم شهراً لا أدري أيُّكما أظلم.

*********

إيَّاك أعني واسمعي يا جارة

أوَّل من قال ذلك سهل بن مالك الفزاري، وذلك انه خرج يُريدُ النُّعمان، فمرَّ ببعض أحيـاء طيء فسأل عن سيـِّد الحي فقيل له: حارثة بن لأم، فرحل إيه، فوجده غائباً ووجد أخته فقالت له: انزل على الرحب والسعة، فنزل فأكرمته ولاطفته، ثمَّ خرجت من خبائها فرآها أجمل أهل زمانها وأحسنهم، وكانت سيدة قومها، فأخذت نفسه، فجعل لا يدري كيف يخطبها، فجلس يوما بفناء الخباء وأنشد وهي تسمع:

يا أختَ خير البـدوِ والحضارة        كيــفَ تريـنَ في فتى فزارة

أصبحَ يهـوى حُــرَّةً مِعْطارة        إيَّاك أعنـي واسمعي يا جارة

فلما سمعت قوله عرَفت أنه إيَّاها يعني، فقالت: ماهذا بقول ذي عقلٍ أريب، ولا رأيٍ مُصيب، أقمْ ما أقمتَ مُكرما، ثمَّ ارحلْ ما شئتَ سالماً ثمَّ أنشدت:

إني أقولُ يا فتـى فــزارة       لا أبتغي الزوجَ ولا الدعارة

ولا فراق أهل هذي الجارة         فارحلْ إلى أهلِك باستخارة

فاعتذر إليها وقال ما أردتُ إلا الخير، فقبلت منه، وقالت: ارحل فإذا جاء أخي فأقدم عليه واخطبني منه فإني أجيبك إن شاء الله، ففعل وتزوَّجها.

*********

المعتمد والرميكية

قيل إنّ المعتمد بن عبَّاد ملك أشبيلية تزوَّج امرأةً تُسمَّى الرُّميكية،وكانت قبل أن يتزوَّجها فقيرة وقضيا زمانا في غبطة، فخرجت معه يوماً يطوفان بالبلد فرأت نساء يَمشين في الطين، فاشتهت المشيَ فيه، فأمر المعتمد بالمسك والعنبر فسحقا وخلط بما الورد، عُجِنَ حتى صار كالطين، ثم وضع في حديقة القصر، فمشت فيه هي وجواريها يَخُضنَ فيه.

وكان يوما من أعـجب أيام الدهر، ثم غاضبته يوما وقالـت له: ما رأيتُ منك خيراً قط، قال: ولا يـوم الطين ؟ فاستحيت واعتذرت.

*********

امرأة صالحة

تزوَّج شُريح القـاضي امرأةً تُسمَّى زينب فمكث معـها عاما، ثمَّ استـأذنت أمُّها في زيارتِها، فأذن لها، وسألته عنها فأثنى عليها خيراً فقالت له: إنَّما زينب من النساء، فإذا رابكَ منها شيءٌ فعليك بالسوط فضحك وقال لها:

رأيتُ رجالاً يضربونَ نساءَهم      فشلَّت يَميني يومَ أضربُ زَينبا

وكلُّ مُحبٍّ يَمنحُ الودَّ إلفَــه       ويعـذِرُه يوما إذا هــُوَ أذْنبا

 

نفحات وعبر

سؤال أحمق

سأل رجلٌ الشعبي: هل يجوزُ للمُحرم أن يحكَّ بدنَه؟ قال: نعم.قال بمقدر كم ؟ قال: حتى يبدو العظم.

*********

فقيه ظريف

حكى بعض من كان يحضر مجلس محمد بن داود الظاهري أنَّ رجلا دخل إليه ودفعَ إليه رقعة، فأخذها وتأمَّل فيها طويلا، فظنَّ من في المجلس أنَّها مسألة في الفقه يسأله الفتوى فيه، فقلبها وكتب على ظهرها ، وردَّها إلى صاحبها وكان الرجل قد كتب فيها:

يا بن داؤودَ يا فقيهَ العـِـراقِ       �� أفتنا في قواتل الأحداق

هل عليهنَّ في الجروح قصاص ������ أم مباحٌ لها دم العشَّـاقِ

وإذا داود قد كتب فيها:

كيف يُفتيكمُ صريـعٌ قتيــلٌ ��� ������ بسهامِ الفِراقِ والاشتـيـاقِ

وقتيــلُ اللقاء أحسـنُ حالاُ �� ����  عنـد داؤدَ من قتيل الفِراقِ

*********

أجاويد العرب في عصرهم

اجتمع في وقت واحد ثلاثة اعتبرهم الناس أجود العرب في عصرهم وهم عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وقيس بن سعادة بن عبادة الخزرجي، وعرابة الأوسي.

وقد روى أن قوما اجتمعوا فذكروا الجــود والأجاويد فذكروا أولئك الثلاثة، ثم اختلفوا حولهم أيهم أكثر جودا، فقال قائلهم: فلنبعث ثلاثة منا كل واحد يذهب إلى واحد منهم لنحكم على جودهم. فتوجه أحدهم إلى عبد الله بن جعفر فوجده يهم بالسفر وقد وضع إحدى قدميه في الركاب فقال له: أيها الأمير أنا ابن سبيل نفد مالي وزادي فنزل عبد الله وقال إليك هذا الفرس بما عليه، ولكن احرص على السيف فإنه من سيوف الإمام علي بن أبي طالب. فركب الرجل الفرس ووجد عليه ثيابا فاخرة وفيها صرة بها أربعة آلاف دينار. فذهب بهذه الأشياء إلى صحبه وذهب الثاني إلى قيس بن سعد فطرق بيته فخرجت له جارية أخبرته أن الأمير نائم. وقالت له قل حاجتك فإن كانت هينة قضيناها وإن لم تكن كذلك أيقظنا الأمير. فقال لها إنه ابن سبيل نفذ زاده وماله، فقالت إن حاجتك أهون من أن نوقظ لها الأمير! ودخلت ثم أتت له بصرة فيها سبعمائة دينار وأقسمت له أن بيت قيس ما فيه غيرها من المال ثم قالت واذهب إلى معاطن إبلنا فخذ راحلة وما يصلحها وخذ معك عبدا، فأخذ ذلك وذهب به لقومه ولما استيقظ قيس وأخبرته الخادمة بذلك فرح وأعتقها مكافأة لها على كرمه. وذهب الثالث إلى عرابة فوجده يقصد المسجد متوكئا على عبدين له وقد أسن وكف بصره فقال له إنه ابن سبيل نفد زاده وماله، فقال عرابة: أواه أواه ! ما تركت الحقوق لعرابة مالا، ولكن إليك هذين العبدين فاستحيا الرجل وقال ما كنت لأقص جناحيك، قال عرابة هما عتيقان إن لم تأخذهما فإما أن تأخذهما وإما أن تعتقهما، فأخذهما وانقلب إلى قومه فقضوا أن الثلاثة أجود أهل زمانهم ولكن أجودهم عرابة لأنه جاد بكل ما عنده!

 

أمثال وحكم

حلم الإمام الصادق

رويَ أن غلاماً وقف يصبُّ الماء على يدي الإمام جعفر الصادق ، فوقع الإبريق من يدِ الغلام في الطست، فطار الرشاشُ في وجهه، فنظـر إليه مغضبا، فقـال: يا مولاي {والكاظمين الغيظ} قال كظمتُ غيظي قال: {والعافينَ عن الناس} قال: عفوتُ عنك.

قال: {والله يحبّ المُحسنين} قال: اذهب فأنتَ حرٌّ لوجهِ الله.

*********

إياس ابن معاوية

رُويَ عن إياس ابن معاوية أنه قال: ما غلبني رجلٌ قط سوى رجلٍ واحد، وذلك أني كنتُ في مجلس القضاء بالبصرة، فدخل عَليَّ رجلٌ شهد عندي أن البستان الفلاني وذكر حدوده هو مِلكُ فلان، فقلتُ له: كم عددُ شجرِه ؟ فسكتَ ثمَّ قال: منذُ كم دخلَ سيدنا القاضي في هذا المجلس؟ فقلت: منذُ كذا سنة. فقال: كم عددُ خشبِ سقفه ؟ فقلتُ له: الحقُّ معك. وأجزتُ شهادتَه.

*********

القاضي يستشيرُ المجوسي

أرادَ نوحُ بن مريم قاضي خراسان أن يُزوِّجَ ابنته، فاستشارَ جاراً له مجوسيَّاً فقالَ المجوسي: سبحان الله ! الناسُ يستفتونك وأنتَ تستفتيني قال: لا بدَّ أن تُشيرَ عليَّ فقالَ إنَّ رئيس الفرسِ كسرى كانَ يختارُ المال، ورئيس الروم قيصر كان يختارُالجمال، ورئيس العرب كان يختار الحسب، ونبيِّكم محمد كانَ يختارُ الدين، فانظر لنفسك بمن تقتدي.

*********

جزاء سنِّمار

مثل قاله بعض العرب في قتل بعض الملوك لسنمار البنَّاء الرومي لمَّا بنى له قصر الخورنق أعجبه وخاف أن يبني لغيرِه بُنياناً مثله فرمى به من فوق القصر فدُقَّت عنُقُه، فقيل لكلّ من يجزي خيراً بشر جزاه جزاء سنِّمار.

*********

قال ابن أبي عتيق لرجل: ما اسمك؟ قال: وثَّاب. قال: فما اسمُ كلبِك ؟ قال: عمرو فقال:

فلو كانَ مـن التوفيـقِ قد أُعْطيَ أسبابا       لسمَّـى نفسه عمروا وسمَّى الكلبَ وثَّابا

*********

أعرابي عند الحجاج

يروى أن أعرابيا طلب الدخول على الحجاج بن يوسف، فأذن له فدخل والعصا في يده فغضب الحجاج حتى ظهر الغضب في وجهه وقال له مستنكرا: ما هذه العصا التي بيدك ففهم الأعرابي قصد الحجاج فقال له على الفور:

هي عصاي، أركزها لصلاتي، وأعدها لعداتي، وأسوق بها دابتي، وأقوي بها سفري، وأعتمد عليها في مشيتي ليتسع بها خطوي .. وأثب بها على النهر، وآمن بها من العثر، وألقي عليها كسائي فيقيني الحر، ويجنبني القر، وتدني إليَّ ما بعد عني، وهي محمل سفرتي، وعلاقة أدواتي، أقرع بها الأبواب، وألقى بها عقور الكلاب، وتنوب عن الرمح في الطعان، وعن السيف عند منازلة الأقران، ورثتها عن أبي، وسأورثها ولدي من بعدي، وأهش بها غنمي، ولي فيها مآرب أخرى فأعجب به الحجاج وأكرمه.