تجني على أهلها براقش

بالطبع سوف يتهمني البعض بالجهل بالأمثال العربية أوبالجهل بقواعد اللغة العربية من قراءة عنوان المقال مع أن معنى العنوان أن براقش مازالت إلى الآن تجني على نفسها وعلى قومها في آن واحد وهذا ما قصدته في العدد الماضي وأعنيه في مقالي هذا، فقد دارحوار حول لفظة وردت في أحد الكتب الحديثة لتفسير القرآن وما أود أن أوضحه أن كلامي لايناقش أهلية الكاتب في تفسير القرآن أو انتماءه لطائفة معينة بل ما أعنيه أن اللفظة التي أوردها هي التي جنت على الإسلام وقسمته إلى طوائف واظهرت فرقة الخوارج التي يعاني منها المسلمين تشددا وتعصبا ويعاني منها العالم أجمع تطرفا وإرهابا وللأسف الشديد فأنا مضطر لأن أورد هذه العبارة في سياق كلامي مع الإعتذار الشديد على فعلتي هذه لذو النورين وأحد العشرة المبشرين بالرضوان سيدنا ومولانا الإمام عثمان بن عفان باب مدينة الحياء، فقد قال مدعي العلم والتفسير أن من حظ الإسلام العاثر أن يتولى الخلافة عثمان الضعيف بعد عمر القوي، وما أضلنا وأعمانا حينما نضع أمثال هؤلاء العظماء في بليد ميزان قياسنا الذي عمي وصم واستبكم عن مراتب أصحاب الحضرة النبوية فنخوض فيهم مرة بعقولنا البليدة ومرة بتزوير تاريخ كتبوه بأرواحهم وقلوبهم قبل أن يكتبوه بأموالهم وأبدانهم، ونعود مع عبير التاريخ نتسم بها أريج أنوار ذو النورين رضي الله عنه وأرضاه وأرضانا به أجمعين الذي قال فيه باب مدينة العلم كرم الله وجهه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لماماتت زوجة سيدنا عثمان الثانية من بنات رسول الله (لو كان عندي الألف لزوجت عثمان الواحدة تلو الأخري) وها نحن عند باب الدارمع الإمام علي يريد الدخول على أمير المؤمنين عثمان وقد أحاط بالدار جمع غفير من الجهلاء أمثال صاحب كتاب التفسيريريدون قتل باب مدينة الرحمة وينفذ الامام علي بقوته وهيبته إلى داخل الدار ويضع على الأبواب إبني الزهراء وسبطي الحبيب متقلدين السيوف يرهبهم كل من رآهم وعلى المنفذ الخلفي يضع ابنه محمد ابن الحنفية لحماية أمير المؤمنين، ودخل سيدنا علي وقال ياأمير المؤمنين إن الناس قد إئتمروا بك ووالله إنهم لقاتلوك فائذن لي بالدفاع عنك. فقال سيدنا عثمان ولا ملؤ جفنة من دم في سبيل عثمان، فقال سيدنا علي وما تريد الآن أن نفعل ؟ قال اخرج معي إلى الشرفة العليا التي تطل على الساحة التي اجتمعوا بها أذكرهم بحديث رسول الله علهم يكن فيهم رجل رشيد يصوبهم لعقولهم، فتقدم الإمام علي وخرج خلفه سيدنا عثمان فتهيبهم الجمع وتراجعوا ينظرون، حين أشرف عليهم عثمان، فقال ائتوني بصاحبيكم اللَّذين ألباكما عليَّ؟ قال فجيء بهما كأنهما جملان، أوكأنهما حماران، قال فأشرف عليهم عثمان فقال أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتري بئر رومة فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة، فاشتريتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنعوني أن أشرب منها حتى أشرب من ماء البحر؟ قالوا اللهم نعم، فقال أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتري بقعة ال فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها ركعتين؟ قالوا اللهم نعم، قال أنشدكم بالله وبالإسلام هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من مالي؟ قالوا اللهم نعم، ثم قال أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على ثبير مكة ومعه أبوبكر وعمر وأنا فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض، قال فركضه برجله، فقال أسكن ثبير فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ؟قالوا اللهم نعم، قال الله أكبر شهدوا لي ورب الكعبة أني شهيد ثلاثاً . ثم قال والله لو قتلتموني فلن يصل المسلمون وراء إمام واحد من بعدي، ولما دخل إلى الدار قال له الإمام علي وما ذا بعد ؟ فقال سيدنا عثمان لاتحزن ياعلى فإن رسول الله وصاحبيه قد جاؤني اليوم وخيروني بين نصر الله على من ترى أو أن أفطر معهم اليوم وقد اخترت أن أفطر اليوم مع رسول الله وصاحبيه، وبالرغم من كل هذاالذي شهد به الناس واقروه وبالرغم من سماع التحذير بأن قتله يكون أول اختلاف على امامة في الإسلام فقد قتلوه كما اشترك في قتله صاحب كتاب التفسير الذي ما زال طائفة من المسلمين تقرأه، وختاما أليس يحق لي أن أقول تجني على أهلها ونفسها براقش.

محمد صفوت جعفر


مسجد ومقام سيدي عبدالقادرالجيلاني - بغداد