وبـرأت
ذمـتـى
�وكل من كان على قدمهم من الأمة المحمدية يجدد
للناس دينهم ويبين للناس معالم الطريق، وطريق السلوك عين التحقيق فهو ممن اصطفاه
الله على علماء زمانه.
وفى الحديث (إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة
من يجدد لهذه الأمة دينها) كذلك ترشدنا الآية إلى اصطفاء الآل أيضا (آل إبراهيم وآل
عمران على العالمين) فما ظننا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآله رضوان الله
عليهم أجمعين وهو صلى الله عليه وسلم من ذرية سيدنا إبراهيم ودعوته فى الآية ﴿ربنا
وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت
العزيز الحكيم﴾ فكان هو سيد الخلق وأصفاهم وآله أصفى الناس وأطهرهم وإن شئت فاقرأ
قول الحق عز وجل ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهير﴾ وإذا
كان المضاف إليهم يشرف بشرفهم ولا يضاف إليهم إلا مطهر مقدس، وبمجرد الإضافة قد
حصلت له العناية الربانية الإلهية فما ظنك بأهل البيت فى أنفسهم؟ فهم المطهرون بل
هم عين الطهارة، وهذه شهادة من النبى صلى الله عليه وسلم لسلمان الفارسى بالطهارة
والحفظ الإلهى والعصمة حيث قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (سلمان منا أهل
البيت) للحاكم فى مستدركه 3/598 والطبرانى 6/261 وإذا كانت منزلة مخلوق عند الله بهذه المثابة
وهى أن يشرف المضاف إليهم بشرفهم، وشرفهم ليس لأنفسهم، وإنما اجتباهم الله وكساهم
حلة الشرف،بعد أن تبين لك منزلة أهل البيت عند الله وأنه لا ينبغى لمسلم أن يذمهم
بما وقع منهم أصلا لأن الله طهرهم، وليعلم الذام لهم أن ذلك راجع إليه ولو ظلموه،
فذلك الظلم هو فى زعمه ظلم لا فى نفس الأمر وإن حكم عليه ظاهر الشرع بأدائه، وقد
منعنا من ذم أحد فكيف بأهل البيت فإن النبى صلى الله عليه وسلم ما طلب منا من أمر
الله إلا المودة فى القربى وفيه سر صلة الأرحام قال عز وجل ﴿قل لا أسألكم عليه أجرا
إلا المودة فى القربى﴾ ومن لم يقبل سؤال نبيه فيما سأله فيه مما هو قادر عليه فبأى
وجه يلقاه غدا؟ أو يرجو شفاعته؟ وهو ما أسعف به نبيه صلى الله عليه وسلم فيما طلب
منه تعالى من المودة فى قرابته فكيف بأهل بيته وهم أخص القرابة، ثم إنه جاء بلفظ
المودة وهى الثبوت على المحبة فإن من ثبت فى أمر استصحبه فى كل حال وإذا استصحب
المودة فى كل حال لم يؤاخذ أهل البيت بما يطرأ منهم فى حقه، فما له أن يطالبهم به؟
فيتركه ترك محبة وإيثار على نفسه لا
لها.
ونعود
إلى قول
الحبيب ألا
أدلكم، أتت
السيدة فاطمة
الزهراء
النبى صلى
الله عليه
وسلم ذات يوم
وقالت له: الحسن
والحسين قد
غابا عنى ولا
أعلم
مكانهما،
فنزل سيدنا
جبريل عليه
السلام وقال
له: يا رسول
الله إنهما فى
مكان كذا
نائمين وقد وكل
بهما ملك
يحفظهما،
فذهب النبى
صلى الله عليه
وسلم لهذا
المكان فوجد
الملك يضع أحد
جناحيه
تحتهما
والآخر
فوقهما،
فقبلهما
النبى صلى الله
عليه وسلم
فانتبها
وحملهما على
كتفيه،
فقابلهم
سيدنا أبو بكر
رضى الله عنه
وقال: ناولنى
أحد الصبيين
أحمله عنك،
فقال صلى الله
عليه وسلم: نعم
المطى مطيهما
ونعم
الراكبان
هما، فلما دخل
المسجد قال
صلى الله عليه
وسلم: يا معشر
المسلمين ألا
أدلكم على خير
الناس جدا
وجدة؟قالوا: بلى،
قال: الحسن
والحسين،
جدهما رسول
الله وجدتهما
خديجة،ألا
أدلكم على خير
الناس أبا
وأما؟ قالوا: بلى،
قال: الحسن
والحسين
أبوهما على بن
أبى طالب
وأمهما فاطمة
بنت محمد، ألا
أدلكم على خير
الناس عما
وعمة؟ قالوا: بلى،
قال: الحسن
والحسين
عمهما جعفر
وعمتهما أم
هانئ، ألا
أدلكم على خير
الناس خالا
وخالة؟ قالوا:
بلى. قال: الحسن
والحسين
خالهما
القاسم
وخالتهما زينب
ابنتى، وقد
جاء فى بعض
الروايات أن
جدتهما وجدهما
فى الجنة
وأبوهما
وأمهما فى
الجنة وعمهما
وعمتهما فى
الجنة
وخالهما
وخالتهما فى الجنة
ومن أحبهما فى
الجنة ومن
أبغضهما
منافق.مما
رواه الإمام
النسفى فى
تفسيره
وأخرجه الحاكم
عن سيدنا عبد
الله بن
العباس رضى
الله عنهم. قال
المحب الصادق
وكل ما يفعل
المحبوب
محبوب، وجاء
باسم الحب
فكيف حال
المودة، وإن
شئت يا أخى
قرأت تفسير
الآيات لسيدى
محيى الدين بن
العربى للشيخ
محمود غراب
وهو أربعة
أجزاء لتفسير
القرآن الكريم
وقد برأ
الإمام فخر
الدين رضى
الله تعالى عنه
ذمته فى ذلك
الشأن فقال:
نصحت
لوجه الله
أبغى رضاء
ه وحب ذوى
القربى وبرأت
ذمتى
�كما قال
فى شأن المودة:
إلا
المودة ما
سألنا حـبـنـا
�إن
المــودة
رفعــــة
وشاد
�محمد
مقبول
إليهم
يسير الركب
يقول
المولى تبارك
وتعالى ﴿يا
أيها الذين
آمنوا اتقوا
الله حق تقاته
ولا تموتن إلا
وأنتم مسلمون.
واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءا فألف
بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك
يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون﴾.
�فاعلم
يا أخا
الإسلام أن
الإسلام هو التسليم
والتقوى
والاجتماع
على أمر الدين
وعدم الفرقة
ووحدة الصف
والألفة
والمحبة بين المسلمين
والنصر على
الأعداء
والنجاة من
النار، كل هذا
كامن فى
الاعتصام
بحبل الله أى
التمسك بكتاب
الله، وأين
كتاب الله فى
زماننا
فالقرآن بين
أيدينا ولكن
المسلمين
مختلفون،
لماذا؟ لأن كل
طائفة تفسره
حسب هواها أو كما
ترى هى، وفى
النهاية نجد
الكل يقصد بيت
الله الحرام
للحج لتنفيذ
الركن الخامس
من الإسلام
حتى تُغفر له
الذنوب
ويُجمع
بالأحباب ﴿من
النبيين
والصديقين
والشهداء
والصالحين وحسن
أولئك رفيق﴾ فهل
يبلغون الأمل
مع الخلافات
والتناحر بينهم
فما هو
السبيل؟
لقد وضح لنا رسولنا الكريم فى الحديث الشريف
(افترقت المجوس إلى سبعين فرقة وافترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة وافترقت
النصارى إلى إثنين وسبعين فرقة وسوف تفترق أمتى إلى ثلاث وسبعين كلهم فى النار إلا
واحدة ما أنا عليه وأصحابى) وفى رواية قال (الجماعة).
فوجب على الأمة كلها أن تبحث عن هذه الفرقة
الناجية حتى تجتمع معها ويزول الخلاف ويسود الوئام ويُجمع الشمل ويعم الإخاء ويهنأ
الجمع بسعادة الدنيا والآخرة.
وقد أورد لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم
الأحاديث بهذا الصدد فقال صلى الله عليه وسلم (النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق
وأهل بيتى أمان لأمتى من الاختلاف) وقال أيضا صلوات الله وسلامه عليه (مثل أهل بيتى
فيكم كسفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق) وفى رواية آخرى (من تعلق بها
نجا ومن تخلف عنها هلك).
وفى الآية الكريمة قوله عز وجل ﴿إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهير﴾ فهم الطاهرون فى أنفسهم المطهرون
لغيرهم لما ورثوه عن جدهم المصطفى صلى الله عليه وسلم دما ولحما وعلما وهداية ونورا
وإرشادا وصلاحا وقد أمرنا الله بمودتهم فقال عز وجل ﴿قل لا أسألكم عليه أجرا إلا
المودة فى القربى ومن يقترف حسنة﴾ أى بمودتهم ﴿نزد له فيها حسنى إن الله غفور شكور﴾
فبهم وبمودتهم تكون المغفرة والطهارة والمعرفة والهداية والنجاة والاعتصام بحبل
الله وقد أخرج الثعلبى فى تفسير قوله تعالى ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقو﴾
عن الإمام جعفر بن محمد رضى الله عنهما قال: نحن حبل الله الذى قال الله واعتصموا
بحبل الله جميعا ولاتفرقو.� وعن
سعيد بن جبير
رضى الله عنه
قال: كنا عند
النبى صلى
الله عليه
وسلم إذ جاء
أعرابى فقال
يا رسول الله
سمعتك تقول
واعتصموا
بحبل الله فما
حبل الله الذى
نعتصم به؟
فضرب النبى
صلى الله عليه
وسلم يده فى
يد على وقال (تمسكوا
بهذا هو حبل
الله المتين)،
ومن قال أن
حبل الله هو
القرآن فقد
صدق لأن النبى
صلى الله عليه
وسلم قال (كتاب
الله وعترتى)،
أى انهما
توأمين لن
يفترقا تارة
يخبر المعصوم
أن القرآن هو
حبل الله
وتارة أخرى
يخبر بأن أهل
بيته حبل الله
وذلك يدعم طرق
الحديث لأن من
اعتصم بهما لا
يضل ولا يشقى،
وقد نظم فى
هذا المعنى
الإمام فخر الدين
رضى الله عنه
حيث يقول:
إذا كان
مغضوبا عليهم
تفرقـوا
�كذلك من
ضلوا فما بال أمـتى
قضت سنة
المولى
العظيم عليهم فراحوا
ثلاثا فوق
سبعين شعبة
فلم تنج
إلا فرقة
لوقوفـهـــا باعتاب
آل البيت أهل
الحماية
فأى
نجاة فى
الحياة
بدونـهـم إليهم
يسير الركب
حجا وعمرة
�جمعنا الله بهم فى الدنيا والآخرة على الحب
والمودة وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم.
عصام
مقبول
شراب
الوصل
لقيت من
المولى رضاه
وقربه نشرت
عليكم بردتي
وعباءتي
يقول الحق تبارك وتعالى ﴿ففروا إلى الله﴾ ولقد
سعى الشيخ أحسن مايكون السعي لأن الساعى دائما يكون مطئطئ الرأس من هيبة الجلال
الإلهي ولكن الشيخ يخبرنا أنه سعى في نور الجمال لذا كان مرفوع الهامة لمشاهدة
الوجه الكريم ﴿يريدون وجهه﴾ ووصل الشيخ بروحه ثم ببدنه ولكن إنتقال البدن لم يغيب
نور إرشاده وهدايته عن السالكين في الدنيا ومشاهدة الوجه الكريم هو غاية الغايات
فكما أن العبادات التي يجازى عنها العبد بالحسنات وللذنوب بالسيئات.
فهناك وجه آخروهو التقرب إليه بالسير والسعي
والهرولة فكما قال الحق ﴿إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه﴾ وقال أيضا ﴿السابقيون
السابقون﴾ وقال إيضا ﴿ففروا إلى الله﴾ وكل هذه تفاوتات في ســرعة السير إلى الله كل
على قدر قوته وشدة أوراده ومحبته وكما تحدث عن سرعة السير تحدث أيضا عن مسافات
الطــريق يقول الحــق في حديثه القدسي (من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن
أتاني ماشيا أتيته هرولة) والذراع ثلاث أضعاف الشبر وكذا الباع مع الذراع كما أن
يمشي أشرع منه المد وأسرع منهما الهرولة فبعد أن سعى الشيخ مرفوع الهامة لقيه الله
بالرضا وكساه عباءة الإحسان والقربة.
�وقد ورد في الحديث عن ربعي بن خراش العبسيّ قال:
مرض أخي الرَّبيع بن خراش فمرَّضته ثمَّ مات فذهبنا نجهِّزه فلمَّا جئنا رفع
الثَّوب عن وجهه ثمَّ قال: السَّلام عليكم، قلنا: وعليك السَّلام قد مِت، قال: بلى،
ولكن لقيت بعدكم ربي ولقيني بروح وريحان ورب غير غضبان، ثمَّ كساني ثياباً من سندس
أخضر، وإني سألته أن يأذن لي أن أبشِّركم فأذن لي، وإنَّ الأمر كما ترون فسدِّدوا
وقاربوا، وبشِّروا ولا تنفِّروا، ولقد بشرنا الشيخ بطيّنا تحت بردة إحسانه وعباءته.
|