جبال ووديان وآبار المدينة

بالحقائق ناطقين

إلى من نحب ونرضى

 

جبال ووديان وآبار المدينة

وادى رانوناء

مسيل مائى يبدأ من شعاب جبل يقع جنوبى المدينة بعد جبل عير اسمه مقمة أو مقمن، ويتجه شمالا حتى يدخل بساتين المدينة ما بين قباء والعوالى، ويمتد إلى منطقة قربان، ويميل غربا حتى يلتقى بطريق قباء المتجه إلى المدينة ويحاذيه حتى يصب فى مجرى وادى بطحان ويصبح جزءا منه، بنيت فى مجراه جنوب قباء سدود قوية قديما لتحجز مياهه، وتكون بحيرة يستفاد من مائها فى أشهر الجفاف، وذكر السمهودى فى كتابه (وفاء الوفا) أن عبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفان أقام عليه سدا، وذكر الأستاذ عبد القدوس الأنصارى أنه وجد نقوشا قديمة ترجع إلى عهد صدر الإسلام تذكر السد، وأخرى تفيد أنه جدد فى عهد الخلافة العثمانية عام 1289هـ وقد بنت الحكومة السعودية عليه سدا حديثا، ويرتبط اسم وادى رانوناء بمسجد الجمعة الذى أقيم قريبا من مجراه القديم شمالى مسجد قباء وعلى بعد 900 متر منه تقريبا، ففى موضع هذا المسجد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أول جمعة فى الإسلام، وذلك عندما قدم مهاجرا إلى المدينة، ومازال مجرى وادى رانوناء موجودا حتى الآن، وقد غطى القسم الذى يبدأ من منتصف منطقة قربان.

وادى مذينيب

مذينيب واد يمتلئ بالمياه عندما تكثر الأمطار، مصدره من حلائى وصعب (جبلان كبيران بحذاء جبل الأغوات) ويدخل فى حرة واقم (الحرة الشرقية) جنوبى منطقة قريظة، ويتجه غربا بميل بسيط نحو الشمال حتى يلتقى مع وادى مهزور فى منطقة قربان، وعندما جاء اليهود إلى المنطقة نزلوا على قسم من وادى مذينيب، وأنشأوا الحصون والمزارع، وظلوا فيها إلى أن أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المدينة، فسكنها المهاجرون.

وادى العقيق

من أشهر أودية المدينة، وربما أودية الحجاز كلها، تتجمع مياهه من منطقة النقيع التى تبعد عن المدينة أكثر من مائة كيلو جنوبا، ويسير إلى مشارف المدينة حتى يصل إلى جبل عير، ويسمى هذا الجزء منه العقيق الأقصى، ثم يسير غربى جبل عير، ويمر بذى الحليفة حتى يبلغ أقصى عير فينعطف شرقا حتى يلتقى بوادى بطحان قرب منطقة القبلتين، ثم يسير باتجاه الشمال الشرقى قليلا ثم شمالا فيلتقى بوادى قناة القادم من شرقى المدينة عند منطقة (زغابة) ويسيل وادى العقيق فى الشتاء مثل نهر كبير، وفى السنوات التى تكثر فيها الأمطار تظل المياه فيه عدة أشهر، وتدل الكتابات التاريخية أنه كان فى بعض العصور أشبه بنهر دائم الجريان، لذلك قامت على ضفافه فى العصر الأموى وشطر من العصر العباسى قصور كثيرة، وتزاحم الميسورون على قطع الأراضى بجانبيه حتى لم يعد فيه موضع لمزيد من البناء، ومن أشهر القصور فيه: قصر سعد بن أبى وقاص، ومازالت بعض أثاره قائمة حتى الآن، وقصر عروة، وقصر سكينة بنت الحسين، وغيرها كثير، كما نشأت بالقرب منه مزارع خصبة تغطيها أشجار النخيل وشتلات الخضراوات والفواكه فضلا عن الحدائق التابعة للقصور القائمة فيه لذلك يمكن أن نتصور منطقة العقيق فى فترة ازدهارها مساحة خضراء يتخللها مسيل مائى واسع شبه متعرج، فيها أشجار النخيل والفواكه وبساتين الخضار وغيرها، وفيه القصور المسورة المتلاصقة حينا والمتباعدة شيئا حينا آخر، غير أن هذه الحالة الزاهرة انتهت عندما تقلصت المدينة فى القرن الهجرى الثالث وهجرت القصور وتهدمت، وتصف المصادر التاريخية مياهه ومياه الآبار فيه بالعذوبة، ولذا يتزود منها أهل المدينة والمسافرون إليها، ومن أشهر آباره بئر عروة، ويسمى القسم الذى يبدأ من جبل عير إلى زغابة العقيق الأدنى وهو داخل حرم المدينة، وقد ورد فى الأحاديث بأن العقيق واد مبارك، ففى صحيح البخارى باب بعنوان: باب قول النبى صلى الله عليه وسلم (العقيق وادٍ مبارك) وفيه حديث عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادى العقيق، يقول: (أتانى الليلة آت من ربى فقال: صل فى هذا الوادى المبارك). وقد فرشت أرض المسجد النبوى فى عهد الإمام عمر بن الخطاب رضى الله عنه: بحصى ناعمة من أرض العقيق، وقد امتد العمران حاليا إلى أطراف العقيق حتى ذى الحليفة، ومازال مجراه يمتلئ بالماء كلما هطلت أمطار غزيرة، والجدير بالذكر أن فى الجزيرة العربية عدة أودية تحمل هذا الاسم، ولكن أشهرها عقيق المدينة، وكلمة العقيق مشتقة من العق وهو الشق، وربما يكون قد سمى بهذا الاسم، وكذلك الأودية المسماة به لأنه فى الأصل سيل يشق الأرض ويجرى فى مجراه.

معجم البلدان ومصادر أخرى

بالحقائق ناطقين

ثلاث وأى ثلاث

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (حبب إلى من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وجعلت قرة عينى فى الصلاة) قال الشيخ خليل الرشيدى فى المجالس الرائقة: وكان معه أصحابه جلوسا، فقال سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه: صدقت يا رسول الله وحبب إلى من الدنيا ثلاث: النظر إلى وجه رسول الله وإنفاق مالى على رسول الله وأن تكون ابنتى تحت رسول الله.

فقال سيدنا عمر رضي الله عنه: صدقت يا أبا بكر وحبب إلى من الدنيا ثلاث: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والثوب الخلِق.فقال سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه: صدقت يا عمر وحبب إلى من الدنيا ثلاث: إشباع الجيعان وكسوة العريان وتلاوة القرآن.

فقال الإمام على كرم الله وجهه ورضى الله عنه: صدقت يا عثمان وحبب إلى من الدنيا ثلاث: الخدمة للضيف والصوم فى الصيف والضرب بالسيف.

فبينما هم كذلك إذ جاء جبريل وقال: أرسلنى الله تبارك وتعالى لما سمع مقالتكم وأمرك يا رسول الله أن تسألنى عما أحب إن كنت من أهل الدنيا، فقال: ما تحب إن كنت من أهل الدنيا فقال : إرشاد الضالين ومؤانسة الغرباء القانتين ومعاونة أهل العيال المعسرين، ثم قال جبريل عليه السلام: يحب رب العزة جل جلاله من عبيده ثلاث خصال بذل الاستطاعة والبكاء عند الندامة والصبر عند الفاقة.وأنت ياأخي القارئ ماذا تحب من الدنيا أحبب ما شئت ولا تكن ممن قبل فيهم ﴿زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب﴾.

عبد الباسط محمد عبد السميع سعيد

إلى من نحب ونرضى

إلى الحبيب ابن الحبيب أبو الحبيب، إلى عطاء الله، إلى المصطفى من السيد البرهانى، إلى صاحب الحمى، إلى الأب الرحيم الحنون الذى تعجز أى كلمات عن ذكر خصائصه ومعانيه، إلى الإمام ابن الإمام أبو الإمام، إلى من نحب ونرضى، إلى مولانا الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى، وصدق الله العظيم حيث يقول فى سورة الحج ﴿وما قدروا الله حق قدره إن الله لقوى عزيز الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم والى الله ترجع الأمور﴾ ويقول الإمام الألوسى صاحب تفسير (روح المعانى) عن هذه الآية: أصل القدرة معرفة المقدار بالسير فى معرفة الشئ على أتم الوجوه حتى صار حقيقة فيه.

وقال الحسن والفراء: أى ما عظموه سبحانه حق تعظيمه، فإن تعظيمه تعالى حق تعظيمه أن يوصف بما وصف به نفسه، وأن يعبد كما أمر أن يعبد.

ويقول الأخفش: أى ما عرفوه حق معرفته، فإن معرفته تعالى حق معرفته التصديق به سبحانه بما وصف به نفسه.

وقال الواحدى: يقال قدر الشئ إذا سبره وأراد أن يعلم مقداره.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن غم عليكم فاقدروا له) أى فاطلبوا أن تعرفوه.

ويقول الإمام القشيرى فى تفسيره (لطائف الإشارات) لنفس هذه الآية:

ما عرفوه حق معرفته ولا وصفوه بجلال ما يستحقه من النعوت، ومن لم يكن فى عقيدته نقض لِم يستحيل فى وصفه سبحانه لم تباشر خلاصة التوحيد سره، وهو فى تَرَجُّم فكر، وتجويز ظن، وخطر تعسف، يقع فى كل وهدة من الضلال، ويقال العوام اجتهادهم فى رفضهم الأعمال الخبيثة خوفا من الله، والخواص جهدهم فى نقض عقيدتهم للأوصاف التى تجل عنها الصمدية ﴿إن الله لقوى عزيز﴾ قوى أى قادر على أن يخلق من هـو فوقهم فى التحصيل وكمال العقول ﴿عزيز﴾ أى لا يُقدر أحد قدره إلا بما يليق بصفة البشر، بقدر من العرفان ﴿إن الله يصطفى...﴾ الاجتباء والاصطفاء من الحق سبحانه بإثبات القدر، وتخصيص الطول، وتقديمهم على أشكالهم فى المناقب والمواهب.

ومن هنا يقول الإمام فخر الدين فى حقه رضي الله عنه:

هلاّ عرفتم بعض قـدر للذى        أعطيت إبراهيم وهو عطيتى

فبالاقتفاء بقول هؤلاء القوم الكرام فى شروحاتهم، وإقتداء بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (إن غم عليكم فاقدروا له) فإننا لن نتعرف عن بعض قدره رضي الله عنه إلا من كلامهم رضي الله عنهم أجمعين، حيث يقول الإمام فخر الدين رضي الله عنه فيه إنه كمال العطاء:

من كمال العطاء من فيض وهب      أيها الناس جاء كـم إبراهـيـم

ويقول فيه إنه مودع السر والأسرار:

أودع السر والسرائر غـيـب       كاظم علمه ونعم الكظـيــم

ويقول فيه أيضا إنه الرحمة والعوض:

فى جناحيه رحمتى ولديــه       عوض الوالدين يلقى اللطيـم

ويقول فيه إنه العالم وإنه فوق كل ذى علم:

فى يمينيه قوتى ومــراسى       بلسـانيه عـالم وعـلـيـم

ويقول فيه أيضا إنه الهادى إلى الله والنبى:

فطاعة إبراهيم إن رمتم الهـدى      كمال عطائى بل نجاح المقاصد

ويقول فيه إنه الحبيب الذى لا يخيب له رجاء:

فهو الحبيب ولا يخيب رجاؤه        أورثته سرا عليه لثـامــى

وله رجاء عندنا ومـكـانـة        وبه يلوذ المحتمى والرامــى

ومن هذا كله هل نستطيع أن نشبع قلوبنا وأفهامنا عن معرفة بعض قدره رضي الله عنه فوالله لا يستطع القول فيكم أن يفى إن البحار لذكركم لمداد، فكلما استكثرت من معرفة عجيب صنع الله تعالى كانت معرفتك بجلاله وعظمته أتم، وهذا كما إنك إن تعظم عالما بسبب معرفتك بعلمه فلا تزال تطلع على غريبه من تصنيفه أو نظمه فتزداد به معرفة وتزداد بحسنه له توقيرا وتعظيما واحتراما حتى أن كل كلمة من كلماته وكل بيت عجيب من أبيات نظمه يزيده محلا من قلبك يستدعى التعظيم له فى نفسك.

فإذا تأملنا فى هذا البيت المنظوم نظما فريدا:

هلاّ عرفتم بعض قـدر للذى       أعطيت إبراهيم وهو عطيتى

تجد مولانا رضي الله عنه يقول زهلاس فهو يحثك ويحضك أيها الأخ الكريم أن تقتفى أثره وتطلب معرفته ولو بعض القدر عنه رضي الله عنه، وهنا سؤال يطرح نفسه (لماذا أطلب معرفته) فتكون الإجابة لأنك لو عرفت بعض من شمائله وعلمه وسيرته ومنهجه وجوده ومكارمه وأسلوبه وحقائقه...الخ الشمائل، سيدخل حبه فى قلبك، فإذا أحببته كان أولى بك أن تطيعه، كما قال سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه مخاطبا الأمة الإسلامية عندما ولى الخلافة (أطيعونى ما أطعت الله فيكم) فإن الإستجابة لهذه الطاعة هى سر النجاة والفلاح ونجاح المقصد كما قال فيه الإمام فخر الدين رضي الله عنه:

فطاعة إبراهيم إن رمتـم الهدى       كمال عطائى بل نجاح المقاصد

ولنتأمل مجددا هذا البيت النفيس الذى فى فحواه كمٌ جم من المعانى العظيمة لنجد أن فيه إشارة جلية إلى الهدية والعطية الجليلة العظيمة التى أعطيت لمولانا الشيخ إبراهيم التى تم اصطفاءها من صافى العطية المقدمة للأمة الإسلامية ألا وهى مولانا الشيخ محمد الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضي الله عنهم أجمعين:

وذا بنى الذى تمت عطـيـتـه        قد اصطفيناه من صافى عطيتنا

اللهم انفعنا بهم وبحبهم واحفظ حبهم فى قلوبنا دائما أبد. آمين. آمين وصلى اللهم على سيدنا وحبيبنا وعظيمنا طه الكريم وآله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين وسلم سلاماً دائما أبدا ما دام فضل الله. آمين.