من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني -44

افهموا وتفقهوا

 

من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني - 44

ومن الأدلة الدالة على صحةالتوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ما ذكره العلامة السيد السمهودي في خلاصة الوفا حيث قال روى الدارمي في صحيحه عن أبي الجوزاء قال- قحط أهل المدينة قحطاً شديداً، فشكوا إلى عائشة رضي الله عنها، فقالت انظروا إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم، فسمي عام الفتق. قال العلامة المراغي- وفتح الكوة عند الجدب سنة أهل المدينة يفتحون كوة في أسفل الحجرة وإن كان السقف حائلاً بين القبر الشريف والسماد قال السيد السمهودي وسنتهم اليوم فتح الباب المواجهة للوجه الشريف والاجتماع هناك، وليس القصد إلا التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به إلي ربه لرفعة قدره عند الله تعالى وقال أيضاً العلامة السيد السمهودي في خلاصةالوفا- إن التوسل والتشفع به صلى الله عليه وسلم وبجاهه وبركته من سنن المرسلين وسيرة السلف الصالحين، وذكركثير من علماء المذاهب الأربعة في كتب المناسك عند ذكرهم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسن للزائر أن يستقبل القبر الشريف ويتوسل إلى الله تعالى في غفران ذنوبه وقضاء حاجته ويستشفع به صلى الله عليه وسلم وقالوا- ومن أحسن ما يقول ما جاء عن العتبي، وهو مروي أيضاً عن أبي سفيان بن عيينة وكل منهما من مشايخ الشافعي رضي الله عنه ثمبعد أن ذكر قصة العتبي المشهورة قال وليس محل الاستدلال الرؤيا فإنها لاتثبت بها أحكام لاحتمال حصول الاشتباه على الرائي، وإنما محل الاستدلال كون العلماء استحسنوا للزائر الاتيان بما قاله الأعرابي. قال العلامة ابن حجر في الجوهر المنظم، روى بعض الحفاظ عن أبي سعيد السمعاني أنه روى عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنهم بعد دفنه صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام جاءهم أعرابي فرمي بنفسه على القبرالشريف على ساكنه أفضل الصلاة والسلام وحثى من ترابه على رأسه وقال يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ووعيت عنالله ما وعينا عنك وكان فيما أنزله عليك قوله تعالى ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيم﴾ وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي إلى ربي، فنودي من القبر الشريف أن قد غفر لك، وجاء ذلك عن علي أيضاً من طريق أخرى ويؤيد ذلك ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: (حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم ما رأيت من خير حمدت الله وما رأيت من شر استغفرت لكم) ومما ذكره العلماء في آداب الزيارة أنه يستحب أن يجدد الزائر التوبة في ذلك الموقف الشريف ويسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها توبة نصوحاً ويستشفع به صلى الله عليه وسلم إلى ربه عز وجل في قبولها ويكثر الاستغـفار والتضرع بعد تلاوة قوله تعالى ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيم﴾ ويقولون نحن وفدك يا رسـول الله وزوارك جئناك لقضاء حقك والتبرك والاستشفاع بك مما أثقل ظهورنا وأظلم قلوبنا فليس لنا يا رسول الله شفيع غيرك نؤمله ولا رجاء غير بابك نصله فاستغفر لنا واشفع لنا عند ربك واسأله أن يمن علينا بسائر طلباتنا ويحشرنا في زمرة عباده الصالحين والعلماء والعاملين.

التوسل والوسيلة
معنى التوسل والوسيلة

شرع الله عز وجل الوسيلة وجعلها أصلاً يرتكز عليها ولا يقبل العمل إلا بها وجعلها ضرورة من ضروريات الحياة البشرية ولفت عباده النظر إليها بعد أن خلقهم بالفطرة والطبيعة فيها وإليه. فقال عز من قائل ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيـلة﴾ قال صاحب الكشاف في تفسيره: الوسيلة كل ما يتوسل به- أي يتقرب به- من قرابة أو صنيعة أو غير ذلك. فاستعيرت لما يتوسل به إلى الله تعالى من فعل الطاعات وترك المنهيات وأنشد:

أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم      إلا كل ذي لب إلــى الله واسـل

فاعلم يا أخي أن الله سبحانه وتعالى جعل الدنيا عكس الآخرة من جميع الوجوه وأن هذه الدنيا هي دار العمل بالتكاليف الشرعية والتوجيهات الإلهية. والتعاليم الربانـية فلم يوجد الحق عز وجل فيها شـيئاً إلا بالعمل ولذا قال عز من قائل: ﴿وقل اعـملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ وناهيك بالآية الجامعة في قوله تعالى: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره﴾ بل جميع أوامر الحق عزوجل ونواهيه في كتابه العزيز وسنة نبيه الكريم ترشد عباده إلى العمل في هذه الحياة.

وإن من تأمل بعين الفكر ونظر بمنظار الإيمان وعلم من كثرة الاطلاع وجد أن جميع ما سبق من الأدلة يحث على الأخذ في الأسباب وهي الوسيلة الموصلة إلى الغاية المرجوة دنيا وأخرى لما تبين واتضح أن كل موجود للحق عز وجل لم يوجده إلا بالوسيلة.

والوسـيلة في جمـيع ما بينا تنقسم إلى قسمين مادية (حسية) ومعنوية (روحية) فالمادية الحسية، هي ما يشاهد ويلمس بحاسة اللمس ولو للأعمى في جميع المكونات، ولا نذهب بك بعيداً، بل نلفت نظرك إلى قول الحق عز وجل ﴿وفي أنفسكم أفلا تبصرون﴾ فمن أي شيء وجدت أيها القارئ الكريم؟ وبأي شيء تعيش؟ وفي أي شيء تعمل وتقـيم؟ وما هو الناشئ منك وعنك؟ فلا ترى إلا أنها كلها وسائل وقس على ذلك كل حالة مادية حسية.

والمعنوية الروحية ما لفت الله سبحانه وتعالى عباده النظر إليه من حكمة ارسال الرسل وتوجيههم العباد إلى الله عز شأنه بالإيمان الذي هو معنى من المعاني، والذي لا يعرف إلا بالصورة التي جعلها الله تبارك وتعالى مقابلة لهذا المعنى الروحي، إذ لا يعرف إلا بها، وهي قيامك بالمأمورات ظاهراً حتى يبرهن به عنك بالمعنى الباطني الروحي الذي لا يعرف إلا بهذا الظاهر وفي دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين إلى الله أكبر دلالة على الوسيلة المعنوية والروحية. قال تعالى ﴿قل إنك كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴾. وقال ﴿يا أيها الناس اعبدوا ربكم﴾ وقال تعالى ﴿واتقون يا أولي الألباب﴾ وليس في كل معني ما تقدم إلا بعد نفي جميع ما عدا أوامره باطل واثبات ما هو جدير به وأحق بكل تلك الأوامر وهو الله تعالى.

لعله قد استبان لك مما قدمنا أن الوسيـلة على قسمين: مادية وروحية فالمادية عليها جميع التكاليف الشرعية من امتثال الأوامر واجتناب النواهي. ومن أهمها معاملة الخالق جل وعلا ومعاملة المخلوقين كما أمر سبحانه وتعالى إذ يفتح من هذه المعاملات التي هي وسائل بنص الشرع عملاً يستحق عليه الجزاء دنيا وأخرى فالعـمل الباطني الروحي ينشأ عنه العمل الظاهري المادي المحسوس الذي ينشأ عنه العمل الجزائي وهذا الجزاء لا يتوصل إليه إلا بالوسائل التي شرعها الله عز وجل لعباده، وجعل تبارك وتعالى نسبة العمل إليها نسبة حقيقية، وتضاف إليها الأعمال، وتنسب إليها، إذ لا يترتب الثواب والعقاب عليها إلا بهذه النسبة والإضافة الحقيقية هذا هو أصل التوسل والوسيلة وحقيقة مشروعيتها وتوجيه الله سبحانه وتعالى عباده إليه. ومن جهل ذلك فقد جهل سنن التكوين الإلهي وجهل سنن التشريع الرباني لعباده ولا ينكره إلا كل مخالف لاجماع المسلمين.

ولما كانت حكمة العليم الحكيم وجود المـخالفين في الدنيا من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة ضد الحق وأهـله ﴿ليميز الله الخبيث من الطيب﴾ وجود المخالفين الذين لا يفرقون بين الحق والباطـل بإنكارهم جميع أنواع الوسيلة حسـداً منهم وحقداً وتوهيناً وتضعيفاً في قدر سيد العالمين صلى الله عليه وسلم ومن بعده من الصالحين الطيبين الطاهرين جهلاً منهم وضلالة عن الحق الصريح الواضح وعدم نظرهم إلى الصراط السوي الذي شرعه الله عز وجل لعباده وجموحهم إلى الضلال بتمسكهم ببعض آيات في القرآن العزيز وبعض الأحاديث في السنة المطهرة التي لا يعقلون لها معنى كقوله تعالى: ﴿ادعوني استجب لكم﴾ يظن الغـمر أن هذه وأشباهها تنفي التوسل والوسيلة أليست هذه وأشباهها ترشد إلى التوسـل والوسيلة. لأن الذي لا يخفـى عليه شـيء في الأرض ولا في السمـاء ويعمل خائنة الأعين وما تخـفي الصدور لا يحتاج إلى دعاء ولا طلب (إذ هو قائم على كل نفس بما كسبت) وإنما شرع لهم الدعاء ليلفت لهم النظر أن لهم إلها قادراً ينفع ويضر ويجيب دعوة المضطر لا كالأصنام التي يعبدونها من دون الله. ويقول أيضاً جاهلهم في استدلاله على عدم الوسيلة. قال الله تعالى ﴿واسألوا الله من فضله﴾ فقل لهذا الأخرق أليست هذه الآية الكريمة هي دعوة من الله عز وجل لعباده بالتمسك بالوسيلة إذ فـضله الذي وجهنا إليه تعالى هو مما قربه إلينا وجعله بين أيدينا كما عليه أهل التحقيق من المفسرين فهي عين الإرشاد لعباد الله تعالى إلى التوسل والوسيلة والأخذ في الأسباب ظاهراً وباطناً هو سنة الله تعالى في مكـوناته وهو عين التوسل.

السابق  التالي

 

افهموا وتفقهوا

قضاء الفوائت

س: ما هو حكم من فاتته الصلاة؟

ج : يجب على المكلف قضاء ما فاته من الصلوات بخروج وقتها فورا من دون تأخير، سواء كان بسفر أم حضر، وسواء كان صحيحا أم مريضا، وسواء كان وقت القضاء وقتا مباحا أم وقتا منهيا عن أداء الصلاة فيه كوقت طلوع الشمس وغروبها وعليه أن يقضيها على نحو ما فاته، حضرية أو سفرية، جهرية أو سرية، ولا يباح له التخلف عن قضائها إلا فى وقت الضرورة كوقت الأكل والشرب والنوم الذى لابد منه وتحصيل ما يحتاج له فى معاشه.

س: من هم الأفراد الذين يسقط عنهم القضاء للفوائت؟

ج : سبعة: المجنون والمغمى عليه والكافر والحائض والنفساء وفاقد الطهورين والسكران بحلال.

س: هل يجوز لمن عليه الفوائت أن يتنفل؟

ج : لا يجوز لمن عليه فوائت أن يتنفل إلا السنن كالوتر والعيد والشفع قبل الوتر، والفجر قبل الصبح، ومثل الفجر ما يرتبه الانسانى من أوراد.

س: ما هو حكم ترتيب الصلاتين المشتركتين فى الوقت

ج : يجب ترتيب الصلاتين الحاضرتين المشتركتين فى الوقت وهما الظهران والعشاءان وجوبا شرطا، فمن تذكر فى ابتداء الصلاة الثانية من الحاضرتين أو فى أثنائها أنه لم يصل الصلاة الأولى بطلت الثانية، وعليه أن يأتى بالصلاة الأولى ولا تكونان حاضرتين إلا إذا وسعهما الوقت الضرورى فإن ضاق بحيث لا يسع إلا الأخيرة اختصت به، فمن صلى العصر فى وقتها الاختيارى أو الضرورى وهو متذكر أن عليه الظهر أو طرأ عليه التذكر أثناء العصر فالعصر باطلة، وكذا العشاء مع المغرب، فإن تذكر بعد سلامه من الثانية صحت الثانية وأعادها بوقت بعد الأولى.

على المذهب المالكى
محمد الحسن ود الفكى