حـق العـلمـاء

بالحقائق ناطقين

إلى من نحب ونرضى

 

حـق العـلمـاء

البعض يعتبر إحترام المريد لشيخه وثنية، فهل جاء نص بعدم إحترام الأشياخ والأولياء؟!! وهل سجود أخوة سيدنا يوسف لسيدنا يوسف عبادة أم كان احتراماً جاز فى دينهم؟!! وقد أمرنا الحق تبارك وتعالى بعدم التقدم على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم رفع الصوت عنده، كما أمر الله الأبناء بتوقير الآباء وأمر الحبيب المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه المأموم أن يتأخر عن الإمام فهل هذه وثنية..!! ولقد قال صلى الله عليه وآله وسلم (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه) والقياس يعطينا الحق فى أن أدب الصحابة مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أدب المريدين مع الأشياخ وكان الصحابة يقبلون يد سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم ويحملون عنه حذاءه ورداءه، وانظر إلى أدب سيدنا موسى فى اتباع سيدنا الخضر وإلى يوشع يحمل عن سيدنا موسى متاعه وأمرنا الرسول الكريم بأن يكون هناك رئيس ومرؤوس حيث قال (إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم) للإمام أحمد.

وإذا كان الحديث حول احترام الصالحين فعن مجالستهم والنظر إليهم ومراقبتهم يحدثنا الحبيب المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه فى أحاديث عدة منها ما جمعه الإمام المناوى فى كتابه (كنوز الحقائق) فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم (مجالسة العالم عبادة) أخرجه الديملى وقال أيضا (النظر إلى وجه العالم عبادة) أخرجه الديملى (النظر إلى وجه علىّ عبادة) أخرجه ابن عساكر (النظر إلىّ عبادة) للطبرانى والحاكم (ذكر الصالحين كفارة للذنوب) أخرجه الديملى وعن ابن عمر عن أبى بكر الصديق رضى الله عنهم قال (إرقبوا محمدا فى أهل بيته) رواه البخارى ومن أعظم المراقبة مراقبة أهل بيت النبوة فإن أعرابى قصد الإمام الحسين رضى الله عنه فسلم عليه وسأله حاجة وقال: سمعت جدك صلى الله عليه وسلم يقول (إذا سالتم حاجة فاسألوها من أحد أربعة إما عربى شريف أو مولى كريم أو حامل للقرآن أو صاحب وجه صبيح) فأما العرب فشرفت بجدك وأما الكرم فدأبكم وسيرتكم وأما القرآن ففى بيوتكم نزل وأما الوجه الصبيح فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إذا أردتم أن تنظروا إلىّ فإنظروا إلى الحسن والحسين) فقال الإمام الحسين سمعت أبى عليا يقول (قيمة كل امرىء ما يحسنه) وسمعت جدى يقول (المعروف بقدر أهل المعرفة) ورد فى الجزء الأول من التفسير الكبير للإمام فخر الدين الرازى، وذكر صاحب كتاب المأثورات عند كلامه عن الذكر (أن يستحضر الذاكر صورة أحب الإخوان إليه) وجاء فى كتاب العهد الوثيق للشيخ محمود محمد خطاب السبكى (من أهم الأمور المطلوبة تصلى على سيدنا النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأى صيغة مائة مرة فأزيد وينبغى الإكثار ليلة الجمعة ثم تتجرد من الشواغل الدنيوية كلها إن أمكن أو بقدر ما يمكن لأنك تريد الدخول فى حضرة ربك التى هى كناية عن الإقبال التام على الله عز وجل والإعراض عن كل ما سواه حتى نفسك وأنت جالس فى مكان طاهر مظلم معظم مطيب بالروائح الزكية كجلوسك للصلاة واضعا يديك على فخديك مغمضا عينيك لأنه بتغميض العينين تنسد طرق الحواس الظاهرة وسدها يكون سببا لفتح حواس القلب، لابسا لثياب بيض حلال مطيبات بالروائح... إلى أن قال جاعلا خيال شيخك بين عينيك ليكون رفيقك فى السير إلى الله لا لكونه مقصودا لذاته) ومن كتاب المدرسة الشاذلية الحديثة للدكتور عبد الحليم محمد أحد شيوخ الأزهر الشريف قال (من آداب الذكر فيما يرى الشيخ رضى الله عنه ألا يتلوا وردا إلا بإذن شيخه أو يلقنه إياه وأن يجلس فى الذكر على هيئة المتشهد متوضئا مستقبل القبلة مغمضا عينيه وأن يشغل قلبه حال الذكر بالمذكور وأن يراقب صورة شيخه فى جميع عباداته وأن يستمد بقلبه من شيخه وأن يلاحظ أن إستمداده من شيخه هو الإستمداد من سيدنا النبى صلى الله عليه وآله وسلم لأن الشيخ الصادق نائب عنه) وفى موضع أخر من نفس الكتاب قال (إن المريد يحتاج فى البداية أن يكون عـارفا فتكون نهايته عارفا حقيقيا) وينصح المريد قائلا (راقب صورة شيخك وأنت تقرأ وردك واستمد منه واعلم إن الرسول محـيط بالكل) ونذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الأولـياء فقال (الذين إذا رءوا ذكر الله) أخرجه البزار مرفوعا عن ابن عـباس، وفى رواية أبى نعيم (أولياء الله الذين رءوا ذكر الله) وفى رواية ابن أبى شيبة (أولياء الله الذين يذكر الله عند رؤيتهم) وختاما قوله صلوات ربى وسلامه عليه عن مكانة الشيخ فى قومه (الشيخ فى أهله كالنبى فى أمته) للديملى وأورده المناوى فى كنوز الحقائق.

محمد سيد

بالحقائق ناطقين

معنى الشرك

﴿قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحد﴾ إن الله تبارك وتعالى يقول (أنا خير شريك فمن عمل عملا أشرك فيه غيرى فهو لشريكى وأنا برىء يا أيها الناس أخلصوا أعمالكم لله فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص ولا تقولوا هذا لله ولوجوهكم فإنها لوجوهكم وليس لله منها شىء) حديث قدسى وقال صلوات ربى وسلامه عليه (إنى لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدى إنما أخاف عليكم أن تنافسوا) حديث متفق عليه من حديث عقبة بن عامر كما قال صلى الله عليه وسلم ؟(إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤن فى الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء) رواه أحمد.

أوردنا نصا قرآنيا وحديثا قدسيا وأحاديث نبوية صحيحة فى معنى الشرك ونرى البعض لم يحسنوا التمييز حينما يتكلمون عن الشرك فمازالوا يعيشون فى العصر الجاهلى الأول أو مازالوا يعيشون مع نشأة الإسلام فى محاربة عبادة الأوثان وكأن أسباب النزول والناسخ والمنسوخ لا مكان لهم فى علوم التفسير، ولكن القوم الذين هم بالحقائق ناطقين يعلمون أن الشرك الظاهر الواضح قد انتفى عن الأمة المحمدية ولم يبق من مظاهر الشرك إلا الرياء وهو الخطر الأعظم على ميزان هذه الأمة فانتبهو.

هاديه الشلالى

إلى من نحب ونرضى

إلى الحبيب ابن الحبيب أبو الحبيب إلى عطاء الله إلى المصطفى من السيد البرهانى إلى صاحب الحمى.. إلى الأب الذى تعجز أى كلمات عن ذكر خصائصه ومعانيه.. إلى الإمام ابن الإمام أبو الإمام.. إلى مولانا الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنهم أجمعين.. وصدق الله العظيم حيث يقول ﴿الله يجتبى إليه من يشاء ويهدى إليه من ينيب﴾

من تفاسير السادة الأعلام حول هذه الآية الكريمة، أن ﴿الله يجتبى إليه من يشاء﴾ أى يصطفى إليه من يشاء من خلقه، ويختار لنفسه وولايته من أحبه ويوفقه للعمل بطاعته واتباع نبيه صلوات ربى وسلامه عليه ﴿ويهدى إليه من ينيب﴾ أى يصطفى إليه من يشاء اصطفاءه ويخصه بفيض إلهى يتحصل له من أنواع النعم والإرشاد والتوفيق، لأن أهل الدين هم صفوة الله تعالى، اجتباهم إليه واصطفاهم لنفسه سبحانه.

﴿الله يجتبى إليه من يشاء ويهدى إليه من ينيب﴾ فيشير إلى مقامين هما مقام المجذوب ومقام السالك، فالمجذوب من الخواص اجتباه ربه سبحانه فى الأزل وسلكه فى مسلك (يحبهم) واصطنعه لنفسه وجذبه عن الدارين بجذبة تعدل عمل الثقلين، فهو فى مقعد صدق عند مليك مقتدر.

أما السالك من العوام فقد سلكه فى سلك من (يحبونه) بالتوفيق للهداية والقيام على قدمى الجهد والأنابة إلى سبيل الرشاد من طريق العناد.

ومن هنا يأتى الإقتفاء للإمام فخر الدين رضى الله عنه فيقول:

ما غير إبراهيم عبد ذو حمى      هو مجتبى حتى يقـوم مقامى

فإذا تأملنا هذا الدر النفيس نجد أن علينا أولا أن نعرف ما معنى كلمة (عبد) فعند أهل اللغة نجد أنها ضد (الحر) وهو المملوك لسيده وفى معناها التذلل والخضوع للسيد، ولذلك كان أحب الأسماء إلى نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم (عبده) كما قال سبحانه ﴿سبحان الذى أسرى بعبده﴾ ويقول الحكيم الترمذى فى كتابه (الجواب المستقيم): كل عبد له صفات سيده ﴿إنه لما قام عبد الله﴾ فأضافه إليه صفة، أى صفته العبودة، واسمه محمد وأحمد.

وأهل القرآن هم أهل الله، فإنهم موصوفون بصفة الله وهو (القرآن) والقرآن أمان وشفاء ورحمة، لأمته صلى الله عليه وسلم، فقد سعد الطالح ببركة الصالح، فدخل الكل فى رحمة الله، فانظر ما تحت هذه اللفظة من الرحمة الإلهية بأمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وللحكيم الترمذى أيضا فى كتابه (نوادر الأصول) إذ يقول فى لفظة (العبد): وقد يكون فى الأولياء من هو أرفع درجة، وذلك (عبد) قد تولى الله استعماله، فهو فى قبضته يتقلب وبه يبصر وبه يبطش وبه يعقل، شهره فى أرضه وجعله إمام خلقه وصاحب لواء الأولياء وأمان أهل الأرض ومنظر أهل السماء وريحانة الجنان وخاصة الله وموضع نظره ومعدن سره وسوطه فى أرضه يؤدب به خلقه ويحيى القلوب الميتة برؤيته ويرد الخلق إلى طريقه وينعش به حقوقه، مفتاح الهدى وسراج الأرض وأمين صحيفة الأولياء وقائدهم والقائم بالثناء على ربه بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يباهى به الرسول فى ذلك الموقف وينوه الله باسمه فى ذلك المقام ويقر عين رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أخذ الله بقلبه أيام الدنيا، ونحله حكمته العليا وأهدى إليه توحيده ونزه طريقه عن رؤية النفس وظل الهوى وائتمنه على صحيفة الأولياء وعرفه مقاماتهم وأطلعه على منازلهم فهو سيد النجباء وصالح الحكماء وشفاء الأدواء وإمام الأطباء، كلامه قيد القلوب ورؤيته شفاء النفوس، وإقباله قهر الأهواء وقربه طهر الأدناس، فهو ربيع يزهر نوره أبدا، وخريف يجنى ثماره دأبا، وكهف يلجأ إليه، ومعدن يؤمل ما لديه، وفصل بين الحق والباطل وهو الصديق والفاروق والولى والعارف والمحدث، هو واحد الله فى أرضه.

فتأمل يا أخى الكريم من هو (العبد) صاحب الحمى؟ ولنرجع لصاحب النبع الصافى فى كلمة (مجتبى) وقد عرفنا أنها اصطفاء أزلى، ثم إلى كلمة (حتى) وهى فى اللغة (حرف) وتكون جارة بمنزلة (إلى) فى الانتهاء والغاية، وتكون (حرف) ابتداء يستأنف الكلام بعدها، وتقوم فى مقام العطف بمنزلة (الواو) فإذا أخذناها بأنها (حرف عطف) فقد يكون تنبيها من الشيخ رضى الله عنه فى أن مولانا الشيخ إبراهيم رضى الله عنه هو القائم فى هذا المقام.

أحمد خليل