العد د السادس (يوليو)

 

ركن المرأة

فَتِيْ السَوَاعِدِ

يحكى أن

ركن الطفل



ركن المرأة

حرية الاختيار

تناولنا في العدد السابق أهمية الصراحة بين الآباء والأبناء ونود أن نواصل في هذا المضمار ونتحدث عن كيف نعطي الأبناء قدراً من الحرية حتى يصبح لدينا نوع من التوازن فى الأسرة والذى بدوره ينعكس على المجتمع.

مرحلة الشباب التي تكتمل فيها شخصية الفرد وينضج عقله ويصبح صديقا لوالديه تحتاج لكثير من الصبر وممارسة نوع من المرونة وذلك لاختلاف الأزمنة والمسميات وتغير كثير من العادات والتقاليد ودخول ممارسات جديده علينا ولأننا أصبحنا فى عصر التسابق بالعلم والمعلومة تطورت تبعا لذلك مفاهيم الشباب فى شتي المجالات وأصبح الانقياد ليس بالسهولة كما كان فى السابق لذلك اذا أراد الأبناء جزءاً من حرية الاختيار وخاصة فى أمر الزواج فلابد للأسرة من مراعاة كل هذه الفوارق ويمكن التدخل بالرأى والاقناع بالمنطق فقط فى حالة عدم توافق الطرف الآخر مع الأسرة ويستبعد ذلك الحل المتسلِّط الذى نتج عنه كثير من المشكلات والمتاعب التى ظهرت فى مجتمعنا بصورة واضحة فى هذه الفترة الأخيرة مثل الزواج العرفي الذى انتشر بين الشباب فى الجامعات وارتفاع حالات الطلاق بين الأسر المبتدئة وفى كلتا الحالتين نجد أن الأسرة لها الضلع الاكبر فى مثل هذه الأخطاء اذا افترضنا ان الطلاق قد ساهم فى إيجاد نوع من التراضي بين الطرفين فيدفع الأبناء ضريبة هذا الانفصال بابتعاده من أحد الوالدين ومعاناته من الضغوط النفسية والاجتماعية ولأن العواطف عند الطفل تنمو بداخله بنموِّ عقله وأعضائه يستغل أحد أطراف النزاع هذا الأمر ويبدأ بغرز الكراهية تجاه الطرف الآخر ويصبح الطفل متنازعا تجاه عواطفه الفطرية والمكتسبة من والده الذى قِّدر له ان يعيش معه ويظهر ذلك فى تصرفاته التى توحي بالتناقض ونظراته الحزينة والتي يغلب عليها طابع الألم فلماذا نمنع طفل من فرحته بوالديه والعيش بقربهما؟ وبذلك لايمكن ان تتزن عنده الامور خاصة إذا علمنا ان هؤلاء هم جيل المستقبل وليس لديهم ذنب فيما حدث واذا اعتقد كلُّ فرد منَّا بأنَّ هذه الحياة خالية من المصاعب نقول له قد أخطأت لذلك لابد من الطرفين ان يتحمل كلاهما الآخر من أجل الأبناء ذلك الاستثمار البشري الكبير\. فالفرد لايمكن أن ينجح فى الحياة المادية ويحقق النجاح في حياته إذا فشل في تربيية أبنائه وتعاني الأسرة على نطاقها الواسع والمجتمع من هذا، ولا يحسُّ الآباء بهذا الأمر إلا عندما تأتي لحظات صعبة يحتاج فيها الأب لابنه أو الأم لابنها ولا يستطيع هذا الابن المضطرب أن يقدِّم لوالديه ما يريدانه ولذلك تظهر الحسرة والندم على الآباء ولكن بعد فوات الأوان.

هدى عبدالماجد


 

فَتِيْ السَوَاعِدِ

لا تنثنى همم تسير بهمتى

الاستسلام هو داء خطير يجب استئصاله قبل استيطانه فى أغوار النفس عندما تفشل مرة إياك أن تستسلم وتترك روح اليأس تتسلط عليك وتذكر أنه لاتوجد قوة فى الوجود تمنعك من النجاح والتفوق إذا كنت تريده وتسعى إليه بكل ماآتاك الله من قوة جسدية وعقلية ونفسية، تذكر أنه إذا كنت تسير فى أحد الشوارع وتزحلقت وسقطت فى حفرة بها طين هل تستمرجالساً فى الطين تندب حظك وتلعن الظروف أم تنهض وتبحث عن مكان تغتسل فيه؟ إن أشد أعداء تفوقك ونجاحك هو اجترار الندم وإدمان اللوم لذلك لاتنفق قواك البناءة فى إدمان الندم ورثاء الذات،إن اليائس المستسلم النادم الباكى لهو شخص ضعيف الإيمان بالله فكيف تكون الابن الذي رباه السيد إبراهيم ويكون هذا حالك؟ تأكد أنك لايمكن أن تنتهى إذا فشلت مرة ولكنك تنتهى إذا استسلمت فلا تستسلم، وأعلم أن الإيمان بالله أن تؤمن بأنَّك تؤمن بأنك تستطيع أن تتخطى كل المشاكل والعقبات والصعاب فإن لم تؤدي ثقتنا به إلى ثقتنا بأنفسنا وبقدراتنا فهذا إيمان كاذب، يقول علماء النفس أن الناس ينقسمون إلى أربع فئات عند مواجهتهم للمشاكل أو الفشل:

ا) الانغلاق على النفس:- فهناك عدد كبير يتقوقع على نفسه ويستسلم للتمزقات النفسية ويفقد التركيز فى كل شى فيهمل دراسته إن كان طالبا وعمله وحتى أسرته وكثيرا ما يقود هذا إلى الأمراض النفسية والجسدية.

ب) التمرد على الأزمة:- هناك من يتمردون على الأزمة وينتج عنه تمرد على القيم الروحية والأخلاقية وتتولَّد داخلهم ردود فعل انتقامية على الآخرين باتخاذهم أسلوباً عنيفاً وتراه يتمرد على الدين كأنه يعاقب الله.

ج) الهروب من الأزمة:- وهذا أكثر الأساليب شيوعا ويجده البعض أسهل مخرج من المشاكل وعادةً ما تقول عن فشل فى امتحان أو ارتباط بشخصية ما (حاول تنسى) وهذا للأسف أسلوب سلبى إن الإنسان الذى يهرب من أزمته تراه يجلس كثيرا جدا إلى التلفزيون بغرض قتل الوقت أو يدمن الخمر والمخدرات وغيرها من أساليب الهروب.

د) مواجهة المشاكل:- أسلوب المواجهة صعب ومكلف لأن فيه مواجهة النفس والاعتراف بالخطأ وهذا يحتاج إلى إيمان قوي، قال وليم بوليفو: ليس هناك شئ فى الحياة أهم من أن تستمر مكاسبك فإن أى إنسان يسعه أن يفعل هذا ولكن الشئ المهم حقا فى هذه الحياة أن تحيل خسائرك إلى مكاسب فهذا أمر يتطلب ذكاء وفيه يكمن الفارق بينك وبين غيرك.

ويقول لك الشيخ:

فاركب معى إن العزيمة مركبى      تستوقف الغر الكرام الكاتبين

 تقوى حمدان


يحكى أن

الفاروق عمر

وروى عن انس بن مالك رضي الله عنه انه قال: خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في ليلة من الليالي يطوف يتفقد أحوال المسلمين فرأى بيتا من الشعر مضروبا لم يكن قد رآه بالأمس، فدنا منه فسمع فيه أنين امرأة، ورأى رجلا قاعدا فدنا منه وقال له: من الرجل؟ فقال له: رجل من البادية قدمت الى أمير المؤمنين لأصيب  من فضله . قال: فما هذا الأنين؟ قال: امرأة تتمخض قد أخذها الطلق، قال: فهل عندها أحد؟ قال: لا، فانطلق عمر والرجل لا يعرفه فجاء الى منزله فقال لامرأته ام كلثوم بنت علي بن أبي طالب بنت فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنهم: هل لك في اجر قد ساقه الله تعالى لك؟  قالت: وما هو؟ قال: امرأة تتمخض ليس عندها أحد ، قالت: ان شئت، قال: فخذي معك ما يصلح للمرأة من الخرق والدهن وائتني بقدر شحم وحبوب ، فجاءت به فحمل القدر ومشيت خلفه حتى أتى البيت، فقال: ادخلي الى المرأة ثم قال: للرجل أوقد لي نارا، ففعل فجعل عمر ينفخ النار ويضرمها والدخان يخرج من خلال لحيته حتى أنضجها، وولدت المرأة، فقالت ام كلثوم رضي الله تعالى عنها: بشراك يا أمير المؤمنين بغلام، فلما سمعها الرجل تقول يا أمير المؤمنين ارتاع وخجل وقال: واخجلتاه منك يا أمير المؤمنين اهكذا تفعل بنفسك، قال يا أخا العرب من ولي شيئا من أمور المسلمين ينبغي له ان يتطلع على صغير أمورهم وكبيره فانه عنها مسؤول، ومتى غفل عنها خسر الدنيا والآخرة، ثم قام عمر رضي الله تعالى عنه واخذ القدر من فوق النار، وحملها الى باب البيت، وأخذتها ام كلثوم فأطعمت المرأة، فلما استقرت وسكنت طلعت ام كلثوم، فقال عمر رضي الله تعالى عنه للرجل قم إلى بيتك وكل ما بقي في البرمة وفي غد ائت إلينا، فلما اصبح جاءه فجهزه بما أغناه به وانصرف.

سيدا شباب أهل الجنة

كتب الحسن بن على الى أخيه الحسين رضي الله عنهما في إعطائه الشعراء. فكتب إليه الحسين: أنت اعلم مني بأن خير المال ما وقي به العرض. فانظر الى شرف أدبه ، وحسن خلقه، كيف ابتدأ كتابه بأنت اعلم مني، وكان بينه وبين أخيه كلام، فقيل له: ادخل على أخيك، فهو اكبر منك فقال : اني سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : '' أيما اثنين بينهما كلام فطلب أحدهما رضا الآخر كان سابقه الى الجنة '' وأنا اكره أن اسبق أخي الأكبر الى الجنة . فبلغ ذلك الحسين فجاء عاجلا رضي الله عنه وانشد في المعنى :

واني لألقى المرء اعلم انه    عدو وفي أحشائه الضغن كامن

فامنحه بشرا فيرجع قلبـه     سليما وقد ماتت لديه الضغائن


ركن الطفل

سيدنا جليبيب الانصاري

اصطحبت الجدة أحد الأحفاد معها إلى حفل زفاف وعندما وصلوا بيت العرس، رأى الطفل العروسين يدخلان من الباب، فقال بصوت مرتفع: ياجدتي ان العريس قبيح الشكل، فقالت الجدة:اسكت يا بنيَّ ليس هذا من حسن الأدب، وأرجو أن تذكِّرني يا بنى حينما نذهب إلى البيت لأحكى لك حكاية سيدنا جليبيب الانصارى الصحابي الجليل. وظل الطفل يلحُّ على جدته وهو فى الطريق إلى البيت على أن تحكى له الحكاية وهى تقول: لابد أن يسمعها إخوتك معك، فلما وصلوا نادى الطفل على إخوته جميعا. تعالو ان عند الجدة حكاية، فجلست الجدة وأخذت تحكي : كان فى عهد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم صحابيا يدعى جليبيب الانصارى وكان قصير القامه دميم الوجه فقير الحال، وفى يومٍ من الأيام عرض عليه النبى صلى الله عليه وسلم أن يتزوج؛ فقال جلبيب: تجدنى يارسول الله كاسدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكنك عند الله لست بكاسد، ثم سأله النبى صلى الله عليه وسلم أن يذكر الفتاه التى يريد الزواج بها فذكرله اسم الفتاه فأرسل النبى صلى الله عليه وسلم لوالد الفتاة، ولكن والد الفتاه بدا وكأنه لايرغب فى زواج ابنته من جليبيب ولكن كانت الفتاه محبة وصادقة في إيمانها وقالت: كيف أرفض أمر رسول الله عليه وسلم ثم قالت: رضيت وسلَّمت لما يرضى لى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم: اللهم اصبب عليهم الخير صبا ولاتجعل عيشهما نكدا. وفى احدى الغزوات قال الرسول صلى الله عليه وسلم هل تفقدون أحدا؟ قالوا لا ، أعادها الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثاً هل تفقدون أحدا؟ فقالوا لا، فقال الرسول : ولكني افقد جليبيب، وتقد الصحابة الشهداء فوجدوا جثة جلبيب، فقال الصحابة للرسول : هو ذا جليبيب فوقف أمامه وقال: قتل سبعة عشر ثم قتلوه وعاشت بعده أرملته حتى قالوا : لم تكن أرملة أوسع خيراً وبركةً منها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما استشهد جليبيب : هو منى وأنا منه. وأعاد الجملة ثلاثا، ثم انحنى وحمله على ساعديه اى جعلهما سريرا له، وما فعل رسول الله ذلك إلاَّ لحبه لجليبيب وحب جليبيب لله ورسوله، فالجمال ليس جمال الوجه ولاالشكل ولكن الجمال فى القلب بحب الله ورسوله .إنَّ الله لا ينظر إلى صور العباد ولكن إلى قلوبهم. وكان أحبُّ الخلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أسامة بن زيد رضي الله عنه ولم يكن جميل الوجه والصورة.

هنيئا لك يا جليبيب الجنة والسلام.

الجدة