العد د السادس (يوليو)

 

حقائقـــاً قـــد سطــــروا

شراب الوصل

الأواني والمعاني

لطيفة صوفية..  كيف جذبتك يد التوفيق

 

ســـــــــيـدنـا آدم (2)  

بعد أن خلق الله تبارك وتعالى سيدنا  آدم قال تعالى {وعلم آدم الأسماء كلَّها} ليس أسماء الناس  مثل محمد وأسماء الأشياء مثل الكرسي فليس في هذا إعجاز {علم آدم الأسماء} أي تجـلَّى عليه بنور الاسم الله  ووضع فيه نور النبى عليه الصلاة والسلام {إن الله وملائكته يصلون على النبى} يعنى  الاسم الله وملائكة الاسم، ومن هذا المنطلق نعرف أنَّ الملائكة كانوا مضافين للاسم الله، فعندما نقول النور نقول الله، الرحمن هو الله، المنعم هو الله، كل الأسماء تنعت الاسم الله، تجلى عليه بنور الاسم الله، ففيه نور النبى عليه الصلاة والسلام، أي علَّم آدم الأسماء الإلهية ومستلزماتها.

لتوضيح ذلك نقول فلان؛ الاسم الخالق خلقه، المصور صوَّره، المحيى أحياه، السميع أسمعه، البصير بصَّره.

ثمَّ قال سيدنا آدم: يا جبريل، إن ربنا  خلقك من اسمه العليم الخبير وأخبرك بما يكون من أمر الوحي وبأنك ستنزل على ولدي فلان بوحي كذا وعلى ولدي فلان بوحي كذا فعجب جبريل من علومه واحتارت الملائكة  ولهذا احترموه  وتواضعوا وقالوا: {لاعلم لنا إلا ماعلمتنا} واعترفوا بفضل آدم عليه السلام.

إذن  نفهم أن الملائكة الرسل هم ملائكة الفلك السبعة، فى السموات الســـبعة {جاعل الملائكة رسلا} ليسوا رسلا من الذات الإلهية بل رسلا من الأسماء الإلهية وهم {المرسلات عرفا}، {العاصفات عصفا}، {السابحات}، {الناشرات}، {النازعات} وهلم جرا، رسل من الأسماء الإلهية شغلهم الذكر، ولما  أمرهم  المولى عزَّ وجلَّ بالسجود لآدم قالوا {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك} كان شغلهم الذكركما عرفنا، كل واحد مشتغل بذكر الاسم بالذكرالذي هو فيه إذن فالذكر مشروع من قديم ولما كان آدم عليه السلام حامل  الأسماء الإلهية، حامل الأمانة، تجلَّى عليه تبارك وتعالى بنورالاسم الله بمعنى (ماوسعنى أرضى ولاسمائى ولكن وسـعنى قلب عبدى المؤمن) وقد خلق الله تبارك وتعالى آدم من طين ومن الضلع القصير الأيسر خلق أمنا حواء، ثم أسكنهما الجنة فقال لهما ابليس {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة} فخاطب الاثنين ولم يخاطب واحدا والشجرة كانت شجرة تفاح وانقسمت أربعة، أعطى النصف  لآدم  وحواء و أخذ هو النصف. {وقاسمهما إنى لكما لمن الناصحين} و لما خرج من الجنة خرج بأربعة علوم  ــ 124 ألف لغـــةــ 124 ألف عــلمــ 124 ألف لــونــ 124 ألف صنعة.

وهذه العلوم يرثها الغوث. قال الشيخ عنما سئل عن قبر أمنا حواء: أمنا حواء مدفونة فى جده ومنها التسمية فهي جدة البشر وقبرها عليه ثلاث قباب: قبه على الرجلين، وقبة على السرة، وقبة عند الرأس رضي الله عنها وأرضاها.

لجنة التأليف
والتدريس والترجمة


حقائقـــاً قـــد سطــــروا

أصل الكشف عند الصوفية:

ومن أجمل لطائف سيدنا عمر رضي الله عنه ما كتبه إلى أمراء الأجناد: احفظـوا ما تسمعون من المطيعـين فإنهم تُجلى لهم أمور صــادقة (قوت القلوب لأبي طالب المكي ص271) ذلك لأنه علمُ ثمرةِ الطاعة ألا وهي مايسميه الصوفية في مصطلحهم الكشف أو التنوير وهو تعبير تجُلى الذي قاله سيدنا عمر وهو نفسه في سيرته الذاتية قد عَرَف ذلك حق اليقين عندما هتف على منبر رسول الله يا ساريةُ الجبلَ والحديث مروى في صحيح البخاري.

إنه الكشف الصحيح الصادق الذي ناله أهل الطاعة، وهذه الأمور الصادقة التي يُجْـلِّيهاَ اللهُ للمطيعين ليست مواقف أو أحداثا حَيَاتِيَّةً فقط وإنما هي علوم وفهوم وإشراقات تبدو للعموم غرائب لبعد عهدهم بمثل طاعة الصالحين فكلُّ مشروطٍ قرينُ شَرْطِه ولازمُه، فالفهم العميق الدقيق يلزمه النور الكاشفُ للظلمة {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زُيِّن للكافرين ماكانوا يعلمون} الأنعــام آيــة 122قيل في تفسيرها: كان ميتا (أي جاهلا زالت منه القوة العاقلة) فأحييناه (أي بنور الإيمان)

موت النفوس وحياة القلوب أصل الفهم في القرآن:

والمعنى إجمالا موت النفوس فإذا ماتت النفوس انتبهت الأرواح وهذا معنى قول الإمام علي (كرم الله وجهه) الناس نيامٌ فإذا ماتوا انتبهوا ذكره السخاوى والعراقى والسيوطى، أي إذا ماتت في الإنسان أعداؤه التي بين جنبيه انتبهت القلوب والأرواح فتشتغل بالطاعة وتزهد في المعصية وإذا انتبهت تلك فهي البصائر أو نواظر القلوب فينطق صاحبها بالأعاجيب {جزاءً من ربك عطاء حسابا} فما بعد المجاهدات إلا المشاهدات ولذلك يقول: تعلموا اليقين (لابن منيع)، ويقول (اقرأوا القرآن وإلتمسوا غرائبه) ذكره القطبي وصححه.، وعن سيدنا علي (كرم الله وجهه) قال (ما أسرَّ إلىَّ رسول الله شيئا كتمه الناس إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في كتاب الله) روي نحوه البخاري وذكره أبوطالب المكي ، ويقول ابن مسعود: (من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبَّر القرآن) ذكره القرطبي في مقدمة التفسير ؛ فالأصل في الفتح على العبد هو الوصول إلى علوم حقائق أو بواطن القرآن وقد ورد: إن لكل آية ظاهراً وباطناً وحداً ومطلعا وفي رواية ومطلع وحد إلى سبعة أبطن وإلى سبعين باطنا رواه ابن حبان عن ا بن مسعود وكذا الثعلبي في التفسير الكبير وسيأتي تحقيق ذلك الحديث في بـاب قضـايا صوفية. وليس الفتح مايراه البعض من كرامات أو خوارق عادات فالكمَّل الأكابر يرون أن الكرامة الاستقامة وهذا ماسمعناه من شيخنا فخرالدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني إذ استقبله ذات مرة في قدومه إلى مصر ما يقرب من ثلاثٍ وعشرين ألف مريد فسأله أحدهم مُشْعِراً في كلامه أنها كرامة كبرى في هذا الزمن أن يُقَابَلَ وليٌّ بمثل هذا العدد في ميناء بلد مضيف، فرد عليه قائلا: (الكرامة الاستقامة)  {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألاَّ تخَـافوا ولا تحزنوا...} الأيــة ولـكن الأمر جدُّ خطير فمن أين لك بالفهم في كتاب الله؟، وهذا ما أدركه الصالحون فلن ينقدح في القلب نور المعرفة والفهم في كتاب اللــه إلا إذا انمحت منه الآثار والأغيار لابد من تخلية القلب مما سوى الله ليصبــح فــارغـــا. {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} أي مما سوى الله ولذلك سمعت وأطاعت.. ألقيه في اليم.. فألقته.. تلك هي الحقيقة.. لاحول ولا قوة إلاَّ بالله أي لاحول عن المعاصي ولا قوة على الطاعات إلاَّ بذكر الأسم الله.. إلاَّ بنور الأسم الله.. إلاَّ بجنود الأسم الله.

 د. إبراهيم الدسوقي


شراب الوصل

واشرب بماءٍ من منابع سرِّنا       إذ كلُّ ماء ليس بالماء المهين

جعل المولى عزَّ وجلَّ نسبة الإنسان   لوالديه نسبة مرتبطة بحياته الدنيا لا بقاء لها في الآخرة فنسبته إليهما هي نسبة الماء المهين قال تعالى {ثمَّ جعل نسله من سلالة من ماءٍ مهين} وهذا النسب ذاهب يوم القيامة قال تعالى {يوم ينفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} وقال {يوم يفرُّ المرء من أخيه وأمِّه وأبيه} أما  نسبة الإيمان وهي نسبتنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وإلى مشايخنا الكرام فهي نسبة باقية يوم القيامة {يوم ندعو كلَّ أناسٍ بإمامهم} فأنت منسوب إلى إمامك في الدنيا والآخرة قال سيدي ابن الفارض:

نسب أقرب في شرع الهوى     بيننا من نسب من أبوي

فإن كان من الناجين فأتباعه من الناجين {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُم} فكان الإيمان هو الرابط الذي ألحقهم بآبائهم وليس النسب الأرضي، وهذه بشرى عظيمة لكلِّ من كان شيخه من المهتدين المرتقين في مدارج الكمال.وأما إن كان من الضالين الهالكين فهو كذلك فقد قال تعالى في حقِّ فرعون وأتباعه {يقدُمُ قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود} وقال رضي الله تعالى عنه:

إنَّ الذي يلقى الهناءْ بجيرتي      ينجو وينجي أهله بنجاته

د. عبدالله محمد أحمد


الأواني والمعاني

الطب الروحانى: هو العلم بكمالات القلوب وآفاتها.

المرشد المُسلِّك: هو الشيخ العارف بذلك الطب القادر على الإرشاد.

المراقبة: هى استدامة علم العبد باطَّلاع الرب عليه فى جميع أحواله.

المشاهدة: هى رؤية الحق فى كل ذرة من ذرات الوجود مع التنزيه عما لايليق بعظمته.           

الشهود: رؤية الحق بالحق.

المجاهدة: هى فى اللغه المحاربة، وفى الشرع محاربة أعداء الله تعالى، وفى اصطلاح أهل الحقيقة محاربة النفس الأمَّارة بالسوء وتحميلها ما يشق عليها ما هو مطلوب شرعا. (من زَيَّن ظاهره بالمجاهدة زيَّن الله باطنه بأنوار المشاهده).

التجلى: هو ما يكشف لقلب السالك من أنوار الغيوب. تجلِّى ذاتى  أو تجلِّى صفات أو تجلِّى أسماء مثلاً فاذا تجلَّى على السالك باسم من أسمائه تعالى اصطلم ذلك السالك تحت أنوار ذلك الاسم بحيث يصير إذا نودى الحق تبارك وتعالى بذلك الاسم اجاب ذلك السالك (لأنه صبغ بأنوار صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة)

لجنة التراث


لطيفة صوفية..  كيف جذبتك يد التوفيق

قال أبو الفرج بن الطيب البغدادي '' لمَّا سبق الاجتبا لقوم، جُذبوا بعد الزَلَق في هوَّة النجاة إلى نجوة النجاة ؛ قيل لعمر رضي الله تعالى عنه: يا عمر كيف حالك قال: كنت مشغولا بأمورٍ جاهلية، فسمعت هاتفا يقول ''ففروا إلى الله '' فعَرَّجت على المنادي فإذا أنا في دار الخيزران !

وقيل لعتبة الغلام: من أنت ؟ قال: كنت عبد الهوى، قصدت مجلس عبد الواحد فصرت عبد الواحد!

 وقيل: يا رابعة من أنت ؟ قالت: كنت اضرب الدفَّ بالطبل فسمعت ولم يسمع غيري:

  بالله يا ريح الصبا      مري على تلك الربى

  وبلِّغي رســالتي     بنصـِّهـا أهـل قـبا