العد د السادس (يوليو)

 

منبع الإشراق

بـالـحـقـائـق نـاطـقـيـن


منبع الإشراق

جرى هذا الحديث على لسان السيدة زينب أحمد عثمان حرم سيدي الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضوان الله عليه  وهي السيدة زينب أحمد عثمان من مواليد حلفا القديمة (وادي حلفا) وهي أبنة عم مولانا الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه. وكان الشيخ متزوجاً من أختها السيدة عائشة أحمد عثمان وقد ولدت له مولانا الشيخ إبراهيم شيخ الطريقة الحالي والسيدة فاطمة والشيخ سيد أحمد والشيخ الشاذلي وهو أصغرهم. وقد تزوَّجت السيدة زينب أولاً من ابن عمها محمد صالح عثمان بشير وأنجبت منه ابنتها حجازية. وقد توفى والد حجازية وعمرها شهران وبعد عشر سنوات من وفاة زوجها توفيت أختها السيدة عائشة. وبعد فترة وجيزة اختارها الشيخ زوجًا له لتقوم بتربية أولاد أختها وكان عمرها آنذاك خمسة وعشرون عاما.وقد تقدَّم لهاعدد كبير من الرجال بعد وفاة زوجها ولكن أباها كان يرفض إلى أن تقدَّم الشيخ محمد عثمان عبده فوافق على الفور، وكانت هي أحبَّ أبناء أبيها إليه لكثرة عطفها عليه وحبها له. وقد لاحظت السيدة زينب علامات الصلاح والولاية فيه قبل أن يتزوَّجها وكانت عباداته متواصلة ولم يكن يضيع زمنه قط إلا في العمل الصالح والنافع في سبيل نشر الدعوة وقضاء حوائج الإخوان، وكانت تلك هي الفترة التي بدأت فيها الطريقة في الانتشار وكثر عدد المريدين، كان هذا في حلفا القديمة حيث أنجبت ابنها الأكبر علي ثم انتقلوا إلى الخرطوم حيث أنجبت أبناءها عبد السلام وآسيا وحسين في الخرطوم وكان الهدف الأساسي لحضور الشيخ للعاصمة هو نشر الطريقة البرهانية، وكان منزل الشيخ مقصداً لأبناء الطريقة في كلِّ أمور دينهم ودنياهم وتقول السيدة زينب أن الشيخ كان يصطحبها معه في كل رحلاته إلى مصر وقد زارت معه جميع الأولياء والصالحين. وقد زارت سيدي علي زين العابدين والسيدة زينب وفي دسوق زارت السيد إبراهيم الدسوقي وفي طنطا السيد أحمد البدوي وعدداً كبيراً من أهل المقامات وكان مكان سكنهم في القاهرة في الزاوية جوار سيدنا الحسين.

وقد حكى أبناء الشيخ بعض المواقف الطريفة التي شهدوها والتي وقعت في البيت وهو أن بعض أقارب الشيخ كان شديد الإنكار عليه وكان يقول للشيخ (أنا لست مؤمنا بأنك شيخ فما الذي يراه الناس فيك حتى يعظمونك هكذا). وطلب من الشيخ أن يثبت له أنَّه شيخ فطلب منه الشيخ أن يأتي إليه في الصباح وعندما طرق الباب  طلب الشيخ من حجازية أن تفتح له الباب  وفتحت حجازية الباب ودعته للدخول، ولكنه أبى الدخول وظهر الخوف على وجهه  فقالوا مالك لا تريد الدخول؟ فقال: (أنا لا أجرؤ على الدخول حتى لا يأكلني الأسد)، وكان الجميع يرى الشيخ في صورته العادية إلاَّ هو فكان يراه في صورة أسد ضخم. ومنذ ذلك اليوم كفَّ عن الإنكار على الشيــخ. ونحن نرجو أن تتواصل هذه الجلسات مع السيدة زينب لتتمخض عن المزيد من المعارف حول شخصية مولانا الشيخ محمد عثمان عبده وهي بحق كانت أقرب الناس إليه ونحن نسأل الله تعالى أن يسبغ عليها ثوب الصحة والعافية.


 

بـالـحـقـائـق نـاطـقـيـن

مراتب الدين (2)

 نواصل الحديث عن المسير فى مراتب الدين الذى كنا قد بدأناه بشرح مرتبة الإسلام واليوم نُبحر فى مرتبة الإيمان.

والإيمان هو العلم الذى خُيِّر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبليغه وهو علم الطريقة ويمكننا القول عن علم الطريقة بأنه هو العلم الذى يتم فيه الانتقال من مرحلة الأعمال البدنية الى الاعمال القلبية على يد سالك خبير عارف قال تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله أولئك هم الصادقون} اذا أخذنا هذه الآية بمعناها البسيط نجد ان الله تعالى قد وصف فيها أهل مرتبة الايمان وسماهم بالمؤمنيين، و تتضح جليا صبغة الايمان هنا فى الجهاد بالمال أولا ثم النفس ثانيا وعن المال قال تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا} لم تنتابهم الريبة في الجهاد بهذه النعمة العظيمة وكذلك جهاد النفس ومن ثم الجهاد بها و هو الجهاد بعينه، بيَّن ذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما عاد من غزوة ذى الحليفة وقال لأصحابه: عدنا من الجهاد الأصغر للجهاد الأكبر ألا وهو جهاد النفس، لأن النفس سبعة أصناف وهى النفس الأمَّارة واللوَّامة والمطمئنة والراضية والمرضيَّة والكاملة فاذا لم يكن الإيمان وقر فى القلب الذى هو وعاء للصدق فهل كان للمؤمن ان يجاهد بنعمة المال والنفس بعد جهادها الاكبر.أما فى المصطلح المصحفى فيعرف الإيمان بعين اليقين والحديث عن تعريف الإيمان ورد ذكره فى صحيح الإمام البخارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث) وعن عين اليقين قال الشيخ رضى الله عنه:   

أوّ كان من عين اليقين         فكلُّ عينٍ تحجبُ

 والأعمال فى مرتبة الإيمان تعرف مرتبتها بالعبودية وتكون الأعمال فيها قلبية ويكون القصد من العبادة فى مرتبة الإيمان إبتغاء مرضاة الله دون طلب الجزاء.والذنب فى مرتبة الإيمان الغفلة عن ذكر الله أما التوبة فتكون بالرجوع للذكر. والذكر يكون بالقلب وتكون التقوى بتعظيم شعائر الله والاستمرارية تعنى الاستقامة. هكذا نكون قد شربنا قطرة من بحر علوم مرتبة الإيمان ونواصل الحديث عن الاحسان فى العدد القادم.

هادية الشلا لي