الســـيد الحــسن أبو جــــلابية
(تاج التفاسير) أحد الكتب النفيسة في تفسير القرآن لصاحبه السيد
محمد عثمان المكي الذي بدأ حياته بالطائف في بلاد الحجاز
مريدا للسيد أحمد بن إدريس ومعه مريد آخر من اليمن وهو
الشيخ إبراهيم الرشيد رضي الله عنهم أجمعين والسيد أحمد بن إدريس
بالطبع يتبع المدرسة الشاذلية للقطب الكبير سيدي أبو الحسن
الشاذلي رضي الله عنه .
وتبدأ قصتنا مع رؤية منامية للسيد محمد عثمان الشريف الحسيني بأن
هناك سيدة شريفة النسب والحسب من غرب السودان وبالتحديد من بارا
وعليه بالزواج منها لأن نسلها سوف يكون له السيادة والشرف،
وبالفعل ذهب السيد محمد عثمان المكي إلى بارا ليسبق السيد محمد
عثمان الآخر وهو من كبار الأولياء ورأى نفس الرؤيا ولكن السيد
الحسن أبو جلابية لابد أن يكون والده السيد محمد عثمان المكي
الذي غادر بارا بعد الزواج وبعد أن حملت الشريفة بالسيد الحسن
أبو جلابية ، وأخيرا ولد السيد الحسن الذي انتظره الوجود كثيرا .
نما وجاوز ريعان الصبا وكان دائم السؤال عن والده الذي لم يعد
إلى السودان لرؤيته ، وألح السيد الحسن على والدته أن لابد من
السفر لملاقاة أبيه ووصل الركب إلى الخرطوم وكان لقاء موعود بين
السيد الحسن أبو جلابيه والشيخ الجليل إبراهيم الكباشي الكبير
وكانت الخلوة المقدرة للسيد الحسن لإعداده مع موعد الأقدار ليدخل
في مصاف الكبار من الأولياء والصالحين.
وخرج السيد الحسن أبو جلابيه وعليه جلباب الجلال وجلباب الجمال
ليقود المسيرة إلى مكة المكرمة ثم إلى الطائف حيث كان يسكن
الوالد الكريم السيد محمد عثمان المكي.
ولنا وقفة مع حكاية السيد إبراهيم الكباشي مع السيد الحسن رضي
الله عنهما فالبعض يظن أن الأولياء كل مختص بأبناءه أو أن كل من
ساعد وليا صار شيخه ولابد أن ينتمى لطريقته وهذا مفهوم خاطئ لأن
الشيخ الكباشي صاحب قبضة قادرية والسيد الحسن شاذلي المشرب ولكن
هذا لايمنع المساعدة في السير إلى الله لأن القاعدة عند أهل
الله:
واسر بليل نحو ربك مدلجا إن المريد يسرنا سريانه
وغيرةً من الشيخ الكباشي أن يسافر السيد الحسن إلى أبيه وينقصة
شئ من الأوراد والأنوار ولذا كان أمر الخلوة التى استكمل فيها
السيد الحسن كل ما قدر له .
وهكذا وصل السيد الحسن إلى موطن أبيه ليحيا في كنفه ورعايته، ومع
مرور الأيام كان عرس أمير الطائف ومر الخدم يحملون إناءاً
مفتوحاً لجمع الهدايا من الحضور وهو مايسمى بالنقوط ووضع كل
الحضور ما أحضروه من هدايا ذهبية في هذا الإناء وجاء الدور علي
السيد محمد عثمان الكبير لوضع الهدية في الطست فوضع ريال واحد
فنظر إليه الخدم في استغراب وقال له أحدهم أن الأمير ليس محتاج
إلى ريالك هذا فخذه لتصلح به حالك فغضب السيد الحسن وكان إلى
جوار أبيه وأخذ الطست ووضعه إلى الحائط وضرب الحائط بقبضة يده
فانهال الذهب حتى غطى الطست فصاح الحاضرون أمير غني
..أمير غني
...أمير غني ومن هنا جاء لقب الميرغني ورحل السيد محمد
عثمان إلى مكة المكرمة وعاش بها ونشأ السادة الميرغنية بجوار
الكعبة المشرفة وكان منزلهم أول التكايا الميرغنية، وبعد زمن عاد
السيد الحسن إلى السودان وخصوصا إلى كسلا حيث بدأ الإرشاد
والهداية للضالين من أمة الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى
التسليم .
أما لقب الختمية فإن البعض يدعى أن السيد محمد عثمان المكي قد
ختم الولاية أي أنه آخر الأولياء ، وهذا التفسير لاعلاقة له
بالصحة وإنما يدل على عدم الدراية بعلوم التصوف والحقيقة لأنه
كما قال مولانا الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني لو قال الناس
بهذه المقولة فإن ذلك قدح في ولاية السيد الحسن أبو جلابية وكذلك
السيد محمد عثمان الأقرب والسيد علي الميرغني وكذلك في الكرامة
الكبرى التي فعلها السيد الحسن مع الشيخ (ود المتعارض) كما أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الخير
فيّ وفي أمتي إلى يوم القيامة) .
ولكن معنى الختمية أنها مقام في حضرة القرب وهي كما سماها الشيخ
الأكبر سيدي محيي الدين بن عربي حضرة الختام ثم العرائس فالذخائر
فالأجراس أو الدنانين وهي حضرات لمشاهدة التجليات.
وقد زاد سيدي فخر الدين رضي الله عنه في ديوانه شراب الوصل:
إلى حضرة التقريب كنا ثلاثة لدى
واحد التوكيد أني وإنها
كما قال رضي الله عنه:
أحدية والواحدية دونها
مابين قابي حضرة التقريب
أي
أن السالك إلى الله يصل إلى الواحدية فتكون شهادته لله الواحد
شهادة عيان وليست شهادة لسان ثم يسلك في الله فيصل إلى الختمية
ثم العرائس
.....فإذا وصل السيد محمد عثمان المكي إلى الختمية فالترقي تدلي
كما تقول القاعدة الصوفية فلا شك أن السيد الحسن أبو جلابية قد
وصل إلى مراتب ومراقى لايعلمها إلا من أعطاه وسبحان الوهاب
المعطي بلا حساب ورضي الله تبارك وتعالى عن السيد الحسن ابو
جلابية وكل أقطاب السادة الختمية.
لجنة التراث