العد د السادس (يوليو)

 

جــبـل الأولــيــاء

الذكر والشيطان


جــــبـل الأولــيــــاء

كما هي عادة السابقين من الصالحين في الأزمان السابقة، يذهبون إلى جبل الأولياء ينقطعون عن الناس والدنيا ويتفرغون لعبادة الواحد الأحد، وجبل الأولياء قرية تقع على ضفاف النيل الأبيض على مقربة من الخرطوم وبها جبل به مغارة يدخل فيها الأولياء يتعبدون ويتهجدون.

وإذا نظرت على الجبل من بعيد وجدت أسدا مجسدا قابعا على قمة الجبل وأسفل منه مباشرة قرب سطح الأرض تجد مدخلا لغار هو صاحب قصتنا فى هذا العدد ففي هذا المكان حيث يعيش بعض أخوال الشيخ وعلى أعتاب الصبا سار الشيخ على قدميه حتى بلغ جبل الأولياء .

وفي ذات ليلة وفي الرؤيا أتى سيدي أحمد البدوي إلى الشيخ محمد عثمان رضي الله عنه، وفي هذا يقول الشيخ: ساقنى سيدى احمد البدوى ذات يوم وأنا فى رؤيا إلى جبل الأولياء وهو جبل ضخم فضربه بقبضته فجعل فيه فجوة، ثم قال لى ادخل هنا واقرأ ماشئت من الاوراد .

ولصغر سنى كنت أسأل نفسى .. أأقراء هنا أورادى بمفردي فى هذا الجبل ؟

وفى الصباح سألت أخوالي. هل تعرفون  حارس الجبل  قالو نعم نعرفه، إنه يأتى إلينا دائما، وعندما أتى الرجل سألته عن اسمه فقال إسمى رسيم.

فقلت له: هل فى هذا الجبل غار؟ قال: نعم قلت: اين هو ؟ قال: هيا معى لأريك إياه. فتوضأت وذهبت معه وهناك أشار إلى الغار القديم وقال: هذا هو غار الأولياء القديم.

 فدخلت وجلست فيه فترة أركع لله وأسجد وأستغفر ربى وأردد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرجت وسألت الشيخ الحارس للجبل عن غار اخر فقال لى: أنا حارس هذا الجبل منذ أكثر من أربعين عاما ولم أر غارا غيره. فقلت له: قد يكون هناك غار آخر فلنبحث سويا. وسرنا سويا ندور حول الجبل نصعد ونهبط فإذا بى أجد الغار الذى أحدثه سيدى أحمد البدوي ليلة أمس وأنا فى الرؤيا، فدخلت فوجدت الطريق المؤدى إليه منحنيا بعض الشىء وفى نهايه الطريق وجدت درجات، فنزلت عليها فإذا بمكان فسيح وقد فرش رملا ورأيت مكان القبله منحوتا فصليت ركعتين وجلست أقرأ الفواتح لسلسله المشايخ الذين أعرفهم ثم خرجت من الغار لأن شيخ البلد كان فى انتظاري.

لجنة التراث


الذكر والشيطان

لو كُشف لإنسان لرأى الشيطان يركبه كما يركب أحدكم دابته ويصرفه كما يشاء طول الليل والنهار كلما غفل وينزل عنه كلما ذكر. وإذا غفل الإنسان عن الذكر واستحوذ الشيطان عليه وصار قلبه جيفة يلتقمها الشيطان فيقسو بذلك قلبه، قوله تعالى {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} المجادلة 19 وهذه عقوبة شنيعة لأن صاحبها يكون من الخاسرين لكونه أصبح من حزب الشيطان وما أصعب خسران الدين، والسبب في هذا أن نسيان ذكر الله تعالى سبب في التقام الشيطان لقلب بن آدم كما يلتقم الكلب الجيفة القذرة.يقول رسول الله  (إن الشيطان يلتقم قلب بن آدم كما يلتقم الكلب الجيفة فإذا غفل عن ذكر الله ولغ الشيطان وإذا ذكر الله خنس الشيطان) رواه بن أبى الدنيا، وإذا ما وصل الشيطان لهذا الالتقام فماذا إذن بعد ذلك إلا قسوة القلوب والويل لصاحب القلب القاسي، وذلك قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} الزمر 22 وهذا يوضح لنا أن الذكر هو الذي يذهب القسوة من القلوب وينجي من الويل ويكون الذاكر هو الناجي من التقام الشيطان لقلبه فيكون الذكر هو الوسيلة لعدم الغفلة.. ويوضح ذلك قول الإمام السيوطي في تفسيره الدر المنثور في التفسير بالمأثور للآية الكريمة { فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله} ما نصه: أما قوله تعالى: {فويل للقاسية قلوبهم} أخرج الترمذي وابن مردويه وابن شاهين في الترغيب في الذكر في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله ذو القلب القاسي)، وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد رضي الله عنه أن عيسى عليه السلام أوصى إلى الحواريين: أن لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم، وإن القاسي قلبه بعيد من الله ولكن لا يعلم. قال بن عباس: الشيطان جاثم على قلب بن آدم فإذا سها وغفل وسوس فإذا ذكر الله تعالى خنس أي كف وانقبض رواه الترمذى.

..وللحديث بقية.

أحمد عبد المالك