العد د السادس (يوليو)

 

مِنبَــرٌ مِلـــؤَهُ الهُــــدَى

افهموا وتفقهوا


مِنبَــرٌ مِلـــؤَهُ الهُــــدَى 

السيدة فاطمة الزهراء

الحمد لله الذي أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وفضَّل أهل بيت النبي المصطفى على المخلوقات ورفعهم بفضله أعلي الدرجات واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له يقول سبحانه وتعالى على لسان الرسول {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} سورة الشورى23. وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله اللهم صلِّ عليه صلاة كاملة وسلم سلام تاما على سيدنا محمد الذي تنحلُّ به العقد وتنفرج به الكرب وتقضي به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتم ويستسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأهل بيته وسِّلم تسليما كثيرا جاء في كتاب (شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم) أوحى الله إلى سيدنا موسى عليه السلام: يا موسى احمدني أن مننت عليك بأحمد فعزَّتي وجلالي لو لم تقبل الإيمان بأحمد ماجاورتنى في داري ولا تنعمت بجنتي، يا موسي أحب لأحمد ما تحبُّ لنفسك أحبب لأمتك ما تحبُّ لنفسك أحبب لأمتك ما تحبُّ لنفسك واجعل لأمتك في شفاعته نصيبا.

أما بعد فيا أيها الأحباب أن الحديث عن الصفوة الطاهرة من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينتهى. وحديث اليوم عن السيدة فاطمة الزهراء فهي التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم:إن فاطمة ابنتي حوريةٌ آدمية. لم تحض ولم ترَ دما في ولادتها قط فمن أحبها فقد أحبَّني ومن أحبني فقد أحبَّ الله. فرح صلى الله عليه وسلم بمولد السيدة فاطمة الزهراء فرحا شديدا فأعطاها الحب كله وهى التي حفظ النبي ذريته في ذريتها فبقي عقبه في عقبها فقد روت السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها. أنها قالت: يا رسول الله أراك تحبُّ فاطمة وتحنُّ للقائها وتفرح لمجيئها وتقوم معظِّما ومرحِّبا فقال صلى الله عليه وسلم هو ما تقولين لأني رأيت ذات ليله كأني دخلت الجنة فأعطاني ملك تفاحة فأكلتها فوجدت لها طعما طيبا ورائحة طيبة فلما استيقظت من نومي واقعت خديجة فجاءت بفاطمة فكلما تذكرت تلك التفاحة فاشتاق إليها وعندما اقبِّلها أجد فيها تلك المتعة وإلى جانب هذا الحب كانت رضى الله عنها أشبه بأبيها صورة وحديثا وخَلقا وخُلُقا حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم لقَّبها بأم أبيها ثم أنها عاصرت أحداث الرسالة وتحملت أعباء النبوة وأثقال الدعوة، وكان على رأس الطغاة عقبة ابن أبى معيط فقد كمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة حتى إذا جاء ليصلى بها ويطوف حولها انتظره عقبه ابن أبى معيط فإذا سجد النبي صلى الله عليه وسلم تقدم اليه يطأ عنق رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بقدمه. فقام سيدنا أبو بكر الصديق فدفعه بقوة قائلا له ولمن معه ويحكم أتقتلون رجلا ان يقول ربي الله حدث ذلك والزهراء واقفة غير بعيد من أبيها تري بعينها ما فعله المشركون بأبيها وهى ضعيفة صغيرة السن. فلا تملك إلا البكاء المؤلم. ولم تكد تنسى هذا الحادث الأليم حتى روعت بأفظع منه وقعا وأشد منه كيدا حيث جاءها في البيت من يخبرها بأن المشركين قد أساءوا لأبيها أساءة بالغة وقد اتفقوا مع أشرارهم أن يترقبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يسجد في الكعبة فإذا سجد واستغرق في السجود أتى ذلك اللئيم بكرش البعير ووضعه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم. وكان عقبة ابن أبى معيط أول من استجاب لهذا المكيدة فأحضر الكرش وما فيه من خبث ونجس ووضعه على ظهر النبى صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فلما وضعه جعل الحاضرون يضحكون ضحكا عاليا فأسرعت إلى الكعبة والنبي مازال ساجدا والكرش فوق ظهره فإذا رفع النبى من السجود وقع الكرش على أرض الكعبة الطاهرة فينجسها وظل النبى ساجداً حتى جاءت السيده فاطمة تصرخ وتبكى حتى أدركت أباها فأزالت عنه الأذى. فمن صغرها وهى فى كل يوم تتذوق عذابا شديدا ولم يقف المشركون عند هذا الحدِّ.

فعندما هاجر النبى صلى الله عليه وآله وسلم إلى دار الهجرة أرسل إلي بناته ليكونوا معه السيدة أم كلثوم والسيدة فاطمة الزهراء ولم يعجب المشركين ذلك وأعدوا كمينا اذ مر عليهم الركب خرج إليهم جمع من شباب مكة الأشرار وتعرَّض واحد منهم لناقة الزهراء ففزعت الناقة وسقطت الزهراء على الأرض فسئل النبي صلى الله عليه واله وسلم عن صاحب هذا الحادث فقيل إنه الحويرث بن ناقد وهو من الذين لم يشملهم عفو النبي صلى الله عليه وسلم بل أهدر دماءهم دون أهل مكة يوم الصفح وإن وجدوا متعلقين بأستار الكعبة. وجاء في مسند الإمام احمد رضى الله عنه. أن سيدنا حذيفة بن اليمان قال: دخلت على أمي يوما فسألتنى: هل رأيت رسول الله فقلت لها: منذ كذا وكذا لم أره فنهرتني وعلى وجهها الغضب فلما رأيت ذلك منها قلت لها: إني ذاهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلى معه المغرب، ثم لا أدعه حتى يستغفر لى. قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب والعشاء. ثم انصرف النبى من صلاته فتبعته وبينما نحن في طريقنا عرض للنبي عارض فناجاه ثم ذهب فتبعته أيضاً فسمع مشيتى خلفه فالتفت إليَّ وقال: من هذا فقلت: حذيفة ابن اليمان يارسول الله. فقال: لى مالك يا حذيفه فحدثته بحديث أمي فقال لى: غفر الله لك ولأمك. ثم قال لى: هل رأيت العارض الذى عرض لى: فقلت: نعم يارسول الله. فقال: ذالك ملك استأذن ربى فى أن يسلِّم علىَّ وأن يبشِّرنى أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وان فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين فهى عناية منه بأهل بيت حبيبه اصطفاهم وصفَّاهم وطهَّرهم. وقال الامام فخر الدين فى حمد اهل البيت وهو منهم. رضى الله عنهم اجمعين

اذا ماضــــلَّ أبناء النبــى      تـرى من للهداية بــعد كانا

فهل ابناء طه غير قــــــوم     يطهرنا الذى كان اصــطفانا

ليذهب كلَّ رجس أيَّ رجـــس     فهل تــكفيرنا يرضـى أبانا

بنا أوصى وقال الحوض حوضى     وفى القــرآن يرضيه رضانا

حمينا بل كـــفينا بــل وإنا      وان كـرهوا اصطفينا لاعدانا

ورثــــنا عنه حتى مارموه       لذلك مـــن كفاه فقد كفانا

وقال رضى الله عنه فى وصف الذين شذُّوا عن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إذا كان مغضوب عليـهم تفرقوا      كـذالك من ضلُّوا فما بال أمـتى

قضت سنة المولى العظيم عليهم      فراحوا ثلاثا فوق سبعين شـعبة

فلم تنج الافرقة لوقـــــوفها     بأعتاب آل البيت أهل الحــماية

وسأل الإمام على رضى الله عنه     سيدنا رسول الله عليه واله وسلم

فقال: يارسول الله. أينا أحب اليك أنا أم الزهراء؟ فقال أنت أعزُّ علىَّ منها وهى أحب اليَّ منك.

وروى عن سيدنا مجاهد رضى الله عنه انه قال رأيت النبى وقد اخذ بيد فاطمة ثم أقبل علينا فقال: من عرف هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهى فاطمة بنت محمد وهى بضعة منى وهى منى وهى قلبى ونفسى وروحى التى بين جنبيَّ ومن آذاها فقد آذاننى ومن آذانى فقد آذى الله.

الثانية

الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا إله لا الله ولي الصالحين واشهد ان سيدنا محمداً رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين. أيها الأحباب ان ما ذكرناه عن السيدة فاطمة فقليل من كثير وأقل مايفعله المسلم أن لا يتطاول على أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الاسلام دين الأدب والأخلاق والقيم جاء فى تفسير الإمام النيسابورى ان رجلامن اليهود جاء الى سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال: صف لى أخلاق محمد.فقال: بلال اعلم منى بذلك فقال سيدنا بلال: السيدة فاطمة اعلم منى بذلك فسألها فقالت: عليٌّ اعلم منى بذالك فسأل الإمام عليَّاً رضى الله عنه فقال الامام لليهودى: صف لى متاع الدنيا وهو قليل .فلم يستطيع فقال له الإمام على: فكيف أصف لك أخلاقه العظيمة صلى الله عليه وسلم.

محمد سيد الكونين والثقليـن    والفريقين من عرب ومن عجم

فاق النبيين فى خَلقٍ وفي خُلُق                      ولم  يدانوه في  علم وفي كرم


افهموا وتفقهوا

باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن

 والإحرام في الصلاة أن تقول الله أكبر ولا يجزي غير هذه الكلمة وترفع يديك حذو منكبيك أو دون ذلك ثم تقرأ فان كنت في الصبح قرأت جهرا بأم القران لاتستفتح ببسم الله الرحمن الرحيم في أمِّ القرآن ولا في السورة التي بعدها فإذا قلت ولا الضالين فقل آمين إن كنت وحدك أو خلف إمام وتخفيها ولا يقولها الإمام فيما جهر ويقولها فيما أسرَّ فيه وفي قوله إياها في الجهر اختلاف. ثم تقرأ سورة من طوال المفصل وان كانت أطول من ذلك فحسن بقدر التغليس، تجهر بقراءتها فإذا تمَّت السورة كبَّرت في انحطاطك للركوع فتمكِّن يديك من ركبتيك وتسوِّي ظهرك مستويا ولا ترفع رأسك ولا تطأطئه وتتجافي بضبعيك عن جنبيك وتعتقد الخضوع بذلك بركوعك وسجودك، ولا تدع في ركوعك، وقل إن شئت سبحان ربي العظيم وبحمده وليس في ذلك توقيت في قول ولا حدٌّ في اللبث ثم ترفع رأسك وأنت قائل سمع الله لمن حمده ثم تقول اللهم ربنا ولك الحمد إن كنت وحدك ولا يقولها الإمام ولا يقول المأموم سمع الله لمن حمده ويقول اللهم ربنا ولك الحمد وتستوي قائما مطمئنا مترسِّلا ثم تهوي ساجدا لا تجلس ثم تسجد وتكبر في انحطاطك للسجود فتمكِّن جبهتك وأنفك من الأرض وتباشر بكفيك الأرض باسطا يديك مستويتين إلى القبلة تجعلهما حذو أذنيك أو دون ذلك وكل واسع، ولا تفترش ذراعيك في الأرض ولاتضم عضديك إلى جنبيك ولكن تجنح بهما تجنيحا وسطا وتكون رجلاك في سجودك قائمتين وبطون إبهاميهما إلى الأرض وتقول في سجودك سبحانك ربي ظلمت نفسي وعملت سوءا فاغفر لي وغير ذلك أن شئت وليس لطول ذلك وقت واقله أن تطمئن مفاصلك متمكنا ثم ترفع رأسك بالتكبير فتجلس فتثني رجلك اليسري في جلوسك بين السجدتين وتنصب اليمني وبطون أصابعها ألي الأرض ترفع يديك عن الأرض علي ركبتيك ثم تسجد الثانية كما فعلت أولا ثم تقوم من الأرض كما أنت معتمدا علي يديك ولا ترجع جالسا لتقوم من جلوسك ولكن كما ذكرت لك وتكبر في حال قيامك ثم تقرأ كما قرأت في الأولى أو دون ذلك وتفعل مثل ذلك سواء، غير انك تقنت بعد الركوع وبعد تمام القراءة.

 والقنوت:   اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق.

ثم تفعل في السجود والجلوس كما تقدَّم من الوصف فإذا جلست بعد السجدتين نصبت رجلك اليمنى.وبطون أصابعها إلى الأرض وثنيت اليسرى وأفضيت بأليتك إلى الأرض ولتقعد على رجلك اليسرى وإن شئت حنيت اليمنى في انتصابها فجعلت جنبهمها إلى الأرض فواسع، ثم تتشهد والتشهد (التحيات للٌه الزاكيات للٌه الطيبات الصلوات للٌه السلام عليك أيها النبي ورحمة اللٌه وبركاته السلام علينا وعلى عباد اللٌه الصالحين أشهد ألا إله إلا اللٌه وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) فإن سلمت بعد هذا أجزأك ومما تزيده إن شئت(وأشهد أن الذى جاء به محمد حقٌّ وإن الجنة حقٌّ وأن النار حقٌّ وإن الساعة آتية لا ريب فيها وإن اللٌه يبعث من في القبور).

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت ورحمت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد اللهم صلِّ على ملائكتك المقربين وعلى أنبيائك والمرسلين وعلى أهل طاعتك أجمعين اللهم اغفر لي ولوالديَّ ولأمتنا ولمن سبقنا بإيمان اللهم إني أسألك من كل خير سألك منه محمد نبيك وأعوذ بك من كل شر استعاذك منه محمد نبيك اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخَّرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ومن فتنة القبر ومن فتنة المسيخ الدجَّال ومن عذاب النار وسوء المصير. السلام عليك أيها النبي ورحمة اللٌه وبركاته السلام علينا وعلى عباد اللٌه الصالحين. ثم تقول السلام عليكم تسليمه واحدة عن يمينك تقصد بها قبالة وجهك وتتيامن برأسك قليلا هكذا يفعل الإمام والرجل وحده وأما المأموم فيسلِّم واحدة يتيامن بها قليلا ويردُّ آخر على الإمام قبالته يشير بها إليه ويردُّ على من يسلم عليه على يساره فإن لم يكن سلَّم عليه أحد لم يردَّ على يساره ويجعل يديه فى تشهده على فخذيه ويقبض أصابع يده اليمنى و يبسط السبابة ويشير بها وقد نصب حرفها إلى وجهه واختلف في تحريكها فقيل يعتقد بالإشارة بها أن اللٌه إله واحد ويتأوَّل من يحركها من يحركها أنها مقمعة للشيطان وأحسب تأويل ذلك أن يذكر بذلك من أمر الصلاة ما يمنعه إن شاء اللٌه عن السهو فيها والشغل عنها ويبسط يده اليسرى على فخذه الايسر ولا يحركها ولا يشير بها ويستحب الذكر بإثر الصلوات يسبِّح اللٌه ثلاثا وثلاثين ويكبِّر اللٌه ثلاثا وثلاثين ويختم المائة بلا إله إلا اللٌه وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ويستحبُّ بإثر صلاة الصبح التمادي فى الذكر والاستغفار والتسبيح ولادعاء إلى طلوع الشمس أو قرب طلوعها وليس بواجب ويركع ركعتي الضحى يقرأ في كل ركعة بأم القرآن.

محمد الحسن الفكي