محاصرة السيرة النبوية
لقد
أوردنا
فى عدد سابق أسماء كتب السيرة بعد أن وجدنا عامة الناس وخاصتهم لا
يتذاكرون السيرة
إلا
من كتاب واحد
قد
حصروا فيه السيرة النبوية،
ألا وهو (سيرة ابن هشام)
واعتبروه المرجع الأوحد
للسيرة الصحيحة،
ونحن هنا لا ننكر على سيرة
ابن
هشام ولكن نريد
أن
نذكر أن سيرة
ابن
هشام هى
مختصر لكتاب أوسع منه لمحمد بن اسحاق بن يسار وهو من
أوائل
المؤرخين للسيرة المطهرة،
وقد وسع فى الكلام عن سيدنا
أبو
طالب وذكر الكثير من أشعاره التى يعلن فيها صراحة عن اعتقاده فى
إله واحد ودين قويم،
كما عبر عن حبه واعتقاده فى النبى صلى الله عليه وسلم، وكذلك ذكر بالتفصيل
قصة نطقه
للشهادة
على فراش الموت والتى يحاول بعض أعداء رسول الله تشويهها،
ومن أشعاره
فى حضرة النبى صلى الله عليه وسلم والإسلام:
حتى أوسد فى التراب دفينا
وابشر بذاك وقر منك عيونا
فلقد صدقت وكنت قبل أمينا
من خير أديان البرية دينـا |
|
والله لن يصلوا إليك بجمعـهـم
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة
ودعوتنى وزعمت أنك ناصـحى
وعرضت دينا قد عرفت بأنــه |
ونحن الآن مع جزء من كتاب التذكرة لابن
النديم وقصة
ورقة بن نوفل مع السيدة خديجة رضى الله عنها بلسان
الإمام
فخر الدين
حيث قال:
كانت
السيدة خديجة فى المدينة وتربى
حضرة
النبى
صلى الله عليه وسلم
فى مكة ورضع
من
السيدة حليمة من بنى سعد بين مكة والمدينة،
وفى هذا الوقت لم يذهب صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة،
وكانت
المدينة موطن
لليهود،
وقبل زمن كانت السيدة خديجة قد رأت رؤيا فقصتها على ابن عمها ورقة
بن نوفل،
فقال لها هذه
الرؤيا
تقول
أنك
ستتزوجى من سيد العرب والعجم بل سيد العالمين وخير
خلق الله
طرا،
وأشرط
عليك أنه عندما
يتم زواجك به تسأليه أن يدعو لى بأن أكون
من أمته،
ثم
ضمنت له
ذلك
وقد
مات.
والنبى
صلى الله عليه وسلم
تربى
بمكة
حتى سن 21 سنة،
وعندما حضر
وفد قريش
إلى
السيدة خديجة
للتجارة بمالها، حيث أن
السيدة خديجة
كانت من أثرياء قريش، والسبب فى ذلك أنها
تزوجت برجل
ثرى وقد مات وورثته ثم تزوجت بآخر ثرى ومات وورثته، لأنه كان فى
هذا الزمن الزوجة ترث
ميراث
الزوج
كله،
ولذلك كان كبار القوم فى قريش يعملون فى تجارتهم بمال السيدة خديجة
رضى الله عنها، وكانت تأخذ عليهم الضمانات الكافية.
وعندما حضر وفد قريش قام
سيدنا العباس
بطلب حصة زيادة من مال السيدة خديجة وقال
لها:
إن لى
ابن أخ
يتيم، ونريده أن يسافر معنا للتجارة، فقام إليه
أبو جهل وقال
ليس
عنده
ضمانات،
فلما سمعت
السيدة خديجة
هذا الحوار
سألت
عن
اسمه؟
فقالوا:
اسمه محمد،
فقالت:
ابن
عبدالله ؟ قالوا
نعم،
قالت: أمه آمنة؟ قالوا:
نعم،
فقالت:
أنا أضمنه بكل
مالى،
بل
وأعطيه
ميسرة
خادمى الخصوصى
ليقوم على خدمته
فى
هذه
الرحلة،
وأوصت
السيدة خديجة ميسرة
بمراقبة كل حركاته وحفظها عنه صلى الله عليه وسلم،
فلما
بدأت الرحلة وجد
الغمام
يظلله، وحينما وصلوا إلى
بحيرا الراهب
وكان ضريرا،
ومن كبار اليهود،
وله من الأولاد
سبعة ولمنزله بابان، واحد مرتفع والآخر منخفض
وأمام
بيته شجرة
يابسة،
ومكتوب
عندهم فى
التوراة إنه
عند وصول
نبى آخر الزمان
هذه
الشجرة
ستخضر،
فلما
حضر
وفد
قريش أخبره أولاده بأن الشجرة اخضرت، فقام
بحيرا
على خدمتهم بحثا عن نبى آخر الزمان،
ثم
قال لأولاده
أدخلوهم
فردا فردا
من البابين، وسألهم
ماذا حدث؟
فقالوا
لم يحدث شئ، فقال
لوفد
قريش:
هل فيكم
أحد
غائب؟
قالوا:
نعم،
فقال:
أحضروه، فلما دخل من
الباب المنخفض،
ارتفع لحضرة النبى صلى الله عليه وسلم، فأخبر الأولاد
أباهم، فقال:
أحضروا هذا الشاب، فقال له: امسح
عيناى،
فمسح
صلى الله عليه وسلم عينا بحيرا فأبصر،
فأخبر أهله بأنه نبى آخر الزمان ويجب أن يحفظوه من أعين اليهود،
وكانت
رحلة النبى
صلى الله عليه وسلم
الى الشام
كناية عن
السفر الأصلى الى الله،
المكنى عنه بالسير إلى الله.
محمد صفوت جعفر
|