الـتـبـرك

دوائرالحق والواجب والباطل

أفضل الصلوات على سيد السادات

التـبـرك

استكمالا لحديثنا السابق حول التبرك فقد انتهينا إلى التبرك بجبته صلوات ربى وسلامه عليه..

التبرك بقدحه ومسجد صلى فيه

وفى البخارى أن أنس رضى الله عنه كان عنده قدح من خشب يملؤه ماء للناس يشربون منه ويتبركون به ويقول لهم هذا القدح كان يشرب به النبى صلى الله عليه وسلم.

عن أبى بردة قال: قدمت المدينة فلقينى عبد الله بن سلام فقال لى: انطلق إلى المنزل فأسقيك فى قدح شرب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصلى فى مسجد صلى فيه النبى صلى الله عليه وسلم، فانطلقت معه فسقانى وأطعمنى تمرا وصليت فى مسجده.

أخرجه البخارى فى كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.

التبرك بمنبره

وأخرج الإمام أحمد فى (زيدة الأعمال) أن المنبر الذى زاده معاوية تهافت على طول الزمان وأن بعض خلفاء بنى العباس جددوا المنبر واتخذوا من بقايا أعواد منبر النبى صلى الله عليه وسلم أمشاط للتبرك بها.

قال القاضى عياض: رؤى ابن عمر رضى الله عنهما واضعا يده على مقعد النبى صلى الله عليه وسلم من المنبر ثم وضعها على وجهه.

وأورد القاضى عياض فى كتابه (الشفا) برواية إبراهيم بن عبد الله بن عبد القارئ وعن أبى قسيط والعتبى كان أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم إذا خلا المسجد حسوا رمانة المنبر التى تلقى القبر بميامينهم ثم يستقبلون القبلة يدعون، وقد روى ذلك ابن تيميه أيضا عن الإمام أحمد وأنه رخص فى التمسح بالمنبر والرمانة وذكر أن ابن عمر وسعيد بن المسيب ويحيى بن سعيد من فقهاء المدينة كانوا يفعلون ذلك. اقتضاء الصراط المستقيم

التبرك بقبره الشريف

لما حضرت الوفاة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال لابنه عبد الله: انطلق الى أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فقل: يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين فإنى لست اليوم بأمير المؤمنين، وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، قال: فاستأذن وسلم ثم دخل عليها وهى تبكى، فقال: يقرأ عليك عمر السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسى ولأوثرنه اليوم على نفسى، فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء، فقال ارفعونى فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ قال: الذى تحب يا أمير المؤمنين. أذنت، فقال: الحمد لله ما كان شئ أهم إلى من ذلك، فإذا أنا قبضت فاحملونى ثم سلم وقل: يستأذن عمر فإن أذنت لى فأدخلونى وإن ردتنى فردونى الى مقابر المسلمين.

أخرجه البخارى فى كتاب الجنائز باب (ماجاء فى قبر النبى صلى الله عليه وسلم) وكتاب فضائل الصحابة باب (قصة البيعة).

فما السر فى إصرار سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن يدفن فى قبره الشريف!!!

ومن الدلائل القوية للحث على طلب التبرك هذا الحديث:

أخرج البخارى وغيره عن أبى هريرة رضى الله عنه أنه شكا إلى النبى صلى الله عليه وسلم النسيان لما يسمعه من حديثه الشريف وهو يريد أن يزول عنه ذلك، فقال رضى الله عنه: يا رسول الله إنى أسمع منك حديثا كثيرا فأنساه فأحب أن لا أنسى فقال صلى الله عليه وسلم (ابسط رداءك، فبسطه، فقذف بيده الشريفة من الهواء فى الرداء ثم قال ضمه فضمه) قال أبو هريرة فما نسيت شيئا بعد. رواه البخارى فى كتاب العلم باب حفظ العلم.

فماذا أخذ النبى صلى الله عليه وسلم من الهواء؟ وماذا وضع فى الرداء؟ غير البركة من يده الشريفة.

عزيزى القارئ فقد انتهينا سويا فى عدة مقالات عن التبرك بحضرة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وأوردنا من الآيات والأحاديث وأقوال السلف الصالح ما يشفى الصدور ويذهب الغمامة عن الأعين والقلوب .. وبمشيئة الله تعالى سنتناول الحديث فى الأعداد المقبلة عن التبرك بغير النبى صلوات ربى وسلامه عليه كسائر الأنبياء وآثارهم وما ورد فى كتاب الله تعالى وفى السنة النبوية المطهرة.

محمد سيد

دوائرالحق والواجب والباطل
دائرة الإنسانية ودائرة الحيوانية

إن الفطرة السليمة تأبى الظلم وتأبى أخذ حقوق الغير من مال أو نفس أو بدن بالقوة أو الإعتداء عليه نفسيا أو بدنيا سواء بالقوة أو التحايل لإخراجه من وعيه بتخديره أو وضعه تحت تأثير السكر وتلك دائرة ثابتة المركز ونسميها الإنسانية ومهما طال القطر أو قصر أو اختلف فإنك داخل محيط الدائرة ذاتها كاختلافنا في التفاصيل أو الأولويات ولكن المبدأ لاخلاف عليه كقتل النفس أو تعذيب الطفل الصغير أو الإعتداء جنسيا على الصغار .

أما الحيوانات فلها دائرة تختلف تمام الإختلاف فمثلا فعند إحساس الحيوانات المفترسة بالجوع فإنها تخرج في جماعات للصيد وغالبا ما تكون الفريسة من الحيوانات الأليفة التي تحاول الفرار لأنه لاسبيل إلى الدفاع عن النفس وعندما تقع إحداها فريسة فإن باقي القطيع يفر دون أن يعول على فقد وينسى القطيع ما حدث بعد دقائق معدودة .

وكذلك نجد أن الحيوان إذا بلغ من الذكورة أو الأنوثة مداها الذي يستطيع معه أن يكون صاحب ذرية من جنسه فإن الأم لاتعبأ بمن يكون الأب فقد يكون إبنها أو أبوها هو الذكر الذي عاشرته لتنجب الجيل الجديد من الذرية  وكذلك الأب لا يأبه بمن يعاشرها جنسيا فقد تكون أمه أو خالته أوإبنته وكل ذلك مقبول في عالم الحيوان ولا حرج .

ولكنه من غير المقبول اختلاط الدوائر كأن ينحط الإنسان فيعتدي على إنسان مثله ليسلبه حق أو يلبسه باطل ، وإن كان ذلك غير مقبول فكيف الحال لو أصبح ذلك عرفا بين الناس يتناقل من جيل إلى جيل ، وكيف الحال لو زاد الطين بلة فأصبح نظريات تدرس في المدارس والجامعات كنظريات (سيجموند فرويد) في علم النفس والسيكولجي التي بنيت على العقدة الجنسية من ألكترا ضد أمها لأنها تحب أبيها وتتمناه جنسيا فصارت تكره أمها لأنها استحوذت على أبيها من تلك الناحية وعقدة أديب الذي يتعشق أمه فيكره أبوه لأنه يضاجع حبيبته ، وأقتنع الناس بهذا الهراء من ذلك الشخص المريض الذي يريد أن يشاركه الناس مرضه .

أما المريض الآخر (دارون) صاحب نظرية النشوء والإرتقاء الذي انحدر من سلالة القرود فأراد أن يقنع الناس بأنهم جميعا انحدروا من القرد الأول الذي انحدرمنه هو ومن العجيب أن الناس صدقوه ودرسوا نظرياته وصارت من المسلمات في العلوم والدراسات الإجتماعية الحديثة ولننظر كيف كان التأثير على المجتمعات الحديثة ، فقد تغيرت المسلمات الفطرية عند الناس وتحرك مركز الدائرة الإنساني نحو الدائرة الحيوانية .

إن العلوم الإجتماعية علوم مكتسبة وليست علوم فطرية لأنها نتاج عادات وتقاليد وأعراف تناقلها الناس بينهم وربي الصغار عليها ، وعليه فتربية الأولاد هي العلة الأساسية ، ففي المجتمعات الشرقية تجد أن الفصل بين الجنسين هو محور التربية حتي تتولد عقدة الولد عند البنت وعقدة البنت عند الولد وهي من الخطوط الحمراء في كل مجتمعات الشرق حتى يصلا حد البلوغ فتبدأ مشاكل التحرش الخاطئ بين كل جنس على حده من اللواط والسحاق وعند الخجولين تتفشى بينهم العادة السرية ، ثم الرغبة المتقدة عند الشباب بالتحرش مع الجنس الاخر بطريقة لاتحمد عقباها قد تؤدي إلى حمل لايمكن التخلص منه بقتل تلك النفس التي نشأت بطريقة غير مشروعة ، أو قتل الأم لإخفاء معالم جريمة ماارتكبتها وحدها.

أما في المجتمعات المتحضرة سواء في الغرب أو الشرق فإن الوضع الذي نراه الآن ليس الوجه الحقيقي لسلوكيات تلك المجتمعات لأن الحروب الدامية دمرت المباني والمعاني والأخلاق وخاصة الحرب العالمية الثانية وإثبات ذلك ليس ببعيد لو سألت الأجداد أو حتى نظرت إلى الأفلام القديمة في الأربعينيات وما قبلها كيف أن المرأة المحترمة من ذوات الأنساب العريقة أو ذوي الأصول الريفية كانت تلبس لباسا من أخمص قدميها إلى قبعات عريضة للرأس مع الجوانتي الذي يغطي اليد والأظافر ، حتى الخدم في القصور كن محتشمات ، ولم يلبس الخليع ولا الرقيع سوى الغانيات وبنات الهوى .

أما بعد الحرب  فإن التربية تقوم فيها على فلسفات إباحية  ( أمثال النظريات السابق ذكرها) وليست حضارية لأنها قامت على ردة فعل لما يفعله المتخلفين في نظرهم فأسرفوا في الحريات وسن القوانين التي أدت إلى التفكك الأسري كشبه القانون الساري بين الناس بأن الفتاة إذا بلغت الثامنة عشر من عمرها لها الحق في ترك منزل الأبوين لتبدأ تكوين حياتها بمفردها أي يلقوها على قارعة الطريق ليلتقطها أول محترف ليمضي معها نزوته ويمارس معها كل شذوذه ثم يلقيها ليس وحدها بل مع رضيع لترعاه وهي لاتعرف معنى الأمومة وتلك أبسط النتائج ، فقد يكون المهووس الذي عاشرها مصاب بالإيدز أو مرض الكبد الوبائي ، لم يجد الشاب أو الفتاة أسوة ولاقدوة بل اعتمد على تكوين فلسفة خاصة به دون الإستفادة من تجارب الأم أو الأب وأي أم هذه التي تركت إبنتها عرضة للإفتراس، فإن الشاة من الغنم تخشى (جريو) الكلب ولكن إذا كبرت وأنجبت فإنها على استعداد لأن تناطح ذئبا دفاعا عن وحيدها فكيف نعيب على الحيوان ، والفرد هو اللبنة الأولى في المجتمع والأسرة هي اللبنة الثانية ، فأي مجتمع هذا الذي أفسد أساسياته بيده وماذا ينتظر من نتائج فبدأ بسن قوانين صارمة ضد الأحداث من الشباب الذين وقعوا تحت طائلة القانون ويوضعون في سجون تختلف مسمياتها ولاتختلف نتائجها بدأا من الإختلاط بالمجرمين حيث يدخل الحدث شبه مجرم في مجال واحد ليخرج عتيدا في الإجرام في مجالات عدة . وللحديث بقية

محاضرات في ألمانيا

محمد صفو

أفضل الصلوات على سيد السادات

الترغيب فى الإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلمب

استكمالا للمقال السابق حول الترغيب فى الإكثار من الصلاة على الحبيب المحبوب صلوات ربى وسلامه عليه:

فقد ذكر الشهاب ابن حجر الهيتمى فى شرح همزية المديح النبوى قال فى حديث مسلم (من رآنى فى منامه فسيرانى فى اليقظة) أنه حكى عن ابن أبى جمرة والبارزى واليافعى وغيرهم عن جماعة من التابعين ومن بعدهم أنهم رأوه صلى الله عليه وسلم فى المنام ورأوه بعد ذلك فى اليقظة وسألوه عن أشياء غيبية فأخبرهم بها فكانت كما أخبر، قال ابن أبى جمرة وهذه من جملة كرامات الأولياء فيلزم منكرها الوقوع فى ورطة إنكار كراماتهم.

وفى المنقذ من الضلال للغزالى رحمه الله قال:

أن أرباب القلوب فى يقظتهم قد يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد، ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم حى فى قبره، وأنه لا يراه فى اليقظة الرؤية النافعة إلا ولى، وأنه لا يبعد أنه من أكرم برؤيته أن يكرم بإزالة الحجب بينه وبينه صلى الله عليه وسلم مع كونه فى قبره فقد يراه الأولياء فى اليقظة فى قبره ويحادثونه وإن بعدت ديارهم واختلفت مراتبهم، ولا يلزم من وقوع ذلك منهم على جهة الكرامة الباهرة أنهم صحابة لأن الصحبة انقطعت بموته صلى الله عليه وسلم، وإذا كان من رآه بعد موته قبل دفنه غير صحابى فهؤلاء كذلك بالأولى.

قال الشهاب ابن حجر أن القطب أبا العباس المرسى تلميذ القطب الأكبر أبى الحسن الشاذلى حفظت عنه رؤية النبى صلى الله عليه وسلم يقظة مرارا.

يقول النابلسى: وليس هذا بأمر عجيب ولا شأن غريب فإن أرواح الموتى مطلقا لم تمت ولن تمت أبدا، ولكنها إذا فارقت الأجسام الترابية العنصرية تصورت فى صورها كتصور الروح الأمين جبريل عليه السلام فى صورة أعرابى وفى صورة دحية الكلبى كما ورد فى الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هذا فى أرواح عامة الناس الذين لم تحبس أرواحهم بالتبعات والحقوق التى ماتوا وهى عليهم كما قال تعالى {كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين} فما بالك بأرواح النبيين والمرسلين عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين، وليس الموت بإعدام للأرواح وإن بليت أجسامها، وسؤال القبر حق وكذلك نعيمه وعذابه حق فى مذهب أهل السنة والجماعة، والسؤال والنعيم والعذاب إنما يكون فى عالم البرزخ لا فى عالم الدنيا، وعالم البرزخ بابه القبر وليس فى القبور إلا أجسام الموتى لأن القبور من عالم الدنيا وأرواح الموتى فى عالم البرزخ أحياء بالحياة الأمرية، وإنما كانت الأجسام فى الدنيا أحياء بأرواحها فلما عزلت عن التصرف فيها ماتت الأجسام والأرواح باقية فى حياتها على ما كانت، وإنما الموت نقلة من عالم إلى عالم فالأرواح المكلفة غير المرهونة بما كسبت تسرح فى عالم البرزخ وهى فى صور أجسامها وملابسها، وتظهر فى الدنيا لمن شاء الله تعالى أن يظهرها له كأرواح الأنبياء والأولياء والصالحين من عباد الله تعالى، وهذا أمر لا ينبغى للمؤمن أن يشكك فيه لأنه مبنى على قواعد الإسلام وأصول الأحكام ولا يرتاب فيه إلا المبتدعة الضالون الجاحدون على ظواهر العقول والأفهام والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم وهو بكل شئ عليم.

وفى شرح الفصوص أن الشيخ الأكبر قدس الله سره كان بعد موته يأتى إلى بيته يزور أم ولد له ويقول لها كيف حالك أنت.

وقال الحافظ السخاوى فى كتابه "القول البديع" أى وسيلة أشفع وأى عمل أنفع من الصلاة على من صلى الله عليه وجميع ملائكته وخصه بالقربة العظيمة منه فى دنياه وآخرته، فالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أعظم نور وهى التجارة التى لا تبور وهى ديدن الأولياء فى المساء والبكور، فكن مثابرا على الصلاة على نبيك صلى الله عليه وسلم فبذلك تطهر من غيك ويزكو منك العمل وتبلغ غاية الأمل ويضئ نور قلبك وتنال مرضاة ربك وتأمن من الأهوال يوم المخاوف والأوجال، صلى الله عليه وسلم تسليما.

وإن شئت تحقيق هذه المسألة بأكثر من هذا فعليك بكتاب "الإبريز" فقد حقق فى هذا البحث تحقيقا شافيا فى أواخر الباب الحادى عشر منه وقال فى آخر ذلك: إذا فهمت هذا ونحوه علمت أنه لا دليل على القطع بقبول الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، نعم هى أرجى فى القبول من غيرها .. فاحذر من إنكار ذلك فإنه السم الموحى، وإلى لقاء. 

سمير جمال